للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والصحابة حجرته خارجة عن المسجد، ولم يكن بينهم وبينه إلا الجدار، ثم إنه إنما أدخلت الحجرة في المسجد في خلافة الوليد بن عبد الملك بعد موت عامة الصحابة الذين كانوا بالمدينة، وكان من آخرهم موتاً جابر بن عبد الله، وتوفي في خلافة عبد الملك؛ فإنه توفي سنة ثمان وسبعين، والوليد تولى سنة ست وثمانين وتوفي سنة ست وتسعين، فكان بناء المسجد وإدخال الحجرة فيه فيما بين ذلك.

وقد ذكر أبو زيد عمر بن شبه النميري في كتاب "أخبار المدينة" -مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم- عن أشياخه وعمّن حدّثوا عنه أن عمر بن عبد العزيز لما كان نائباً للوليد على المدينة في سنة إحدى وتسعين هدم المسجد وبناه بالحجارة المنقوشة، وعمل سقفه بالساج وماء الذهب، وهدم حجرات أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فأدخلها في المسجد، وأدخل القبر فيه.

ثم ذكر الشيخ الآثار المروية في عمارة عمر بن عبد العزيز المسجد وزيادته فيه، وذكر أن حكم الزيادة حكم المزيد، فقال: وقد جاءت الآثار بأن حكم الزيادة في مسجده حكم المزيد، تضعف فيه الصلاة بألف صلاة، كما أن المسجد الحرام حكم الزيادة فيه حكم المزيد، فيجوز الطواف فيه، والطواف لا يكون إلا في المسجد لا خارجاً منه، ولهذا اتفق الصحابة على أنهم يصلّون في الصف الأول من الزيادة التي زادها عمر ثم عثمان، وعلى ذلك عمل المسلمين كلهم، فلولا أن حكمه حكم مسجده لكانت تلك صلاة في غير مسجده، والصحابة وسائر المسلمين بعدهم لا يحافظون على العدول عن مسجده إلى غير مسجده ويأمرون بذلك. قال أبو زيد: حدثني محمد بن يحيى، حدثني من أثق به؛ أن عمر زاد في المسجد من القبلة إلى موضع المقصورة التي هي به اليوم. قال: فأما الذي لا يشك فيه أهل بلدنا أن عثمان هو الذي وضع القبلة في موضعها اليوم، ثم لم تغير بعد ذلك.

قال أبو زيد: حدثنا محمد بن يحيى، عن محمد، عن عثمان، عن

<<  <  ج: ص:  >  >>