للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الثالث: أن الدجالين الذين رووا هذه القصة المكذوبة ادعوا أن من كان حاضراً هناك ورأوا اليد وسمعوا رد السلام نحو مائة ألف أو يزيدون! سبحانك هذا بهتان عظيم! كيف يمكن أن يكون هناك هذا العدد الكثير؟ وأي محل في المسجد يسعهم أو يسع عشر معشارهم؟! ثم إن القبر قد أحاطت به الجدران فمن أي شباك خرجت اليد؟!

ومن المعلوم إذا كان أمر عجيب وشيء غريب يتهاجم على رؤيته الراؤون فلا يمكن الرؤية إلا للقريب، وكذلك سماع رد السلام كيف أمكن للجميع؟ فانظر إلى هذه الأكذوبة التي لا تروج حتى على ضعفاء العقول، ومع ذلك فقد تمسك بها قوم سلب الله منهم الحياء واتخذوها حبالة من حبائل مصائدهم، وأغراهم الله على مثل هذه الدعاوي الكاذبة ليفضحهم بها في الدنيا والآخرة انتقاماً لأهل الحق منهم.

الوجه الرابع: أن كثيراً من أهل العلم والأدب نسب البيتين إلى غير أحمد الرفاعي. قال الشيخ صلاح الدين الصفدي في تذكرته: حكي أن ابن الفارض لما اجتمع بالشهاب السهروردي في مكة أنشده

في حالة البعد روحي كنت أرسلها ... تقبل الأرض عني وهي نائبتي

وهذه نوبة الأشباح قد حضرت

... فامدد يمينك كي تحظى بها شفتي

وكفى بما ذكره الشيخ صلاح الدين هذا شاهداً على بطلان ما ادعاه غلاة الرفاعية ومبتدعتهم، فإن هذا الشيخ كان إماماً أديباً ناظماً ناثراً، ولد سنة ست وتسعين وستمائة، وقد عقد له ابن السبكي ترجمة مجملة في "طبقاته".

وممن نقل ذلك الشهاب الخفاجي الشافعي في كتابه (طراز المجالس) وأن البيتين من شعر ابن الفارض لما اجتمع بالسهروردي في مكة قال: "وقد نسب هذا لغيره، ولم يذكر الغير ولم يصرح باسمه ".

الوجه الخامس: حسن الظن بأحمد الرفاعي رحمه الله يقتضي عدم مخالفته للسنة النبوية والشريعة المحمدية، فقد كان على ما روى الثقات بخلاف من يدّعي

<<  <  ج: ص:  >  >>