للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأصول والفروع بعد القرآن. فصنف مالك الموطأ على هذه الطريقة، وصنف بَعْدُ عبد الله بن المبارك، وعبد الله بن وهب، ووكيع بن الجراح، وعبد الرحمن بن مهدي، وعبد الرزاق، وسعيد بن منصور، وغير هؤلاء. فهذه الكتب التي كانوا يعدونها في ذلك الزمان هي التي أشار إليها الشافعي رحمه الله تعالى، فقال: ليس بعد القرآن كتاب أكثر صواباً من موطأ مالك، فإن حديثه أصح من حديث نظرائه.

وكذلك الإمام أحمد- لما سئل عن حديث مالك ورأيه، وحديث غيره ورأيهم- رجح حديث مالك ورأيه على حديث أولئك ورأيهم، وهذا يصدق الحديث الذي رواه الترمذي وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل في طلب العلم فلا يجدون عالماً أعلم من عالم المدينة" ١. فقد رُوي عن غير واحد كابن جريج وابن عيينة وغيرهما أنهم قالوا: هو مالك.

والذين نازعوا في هذا لهم مأخذان: أحدهما: الطعن في الحديث، فزعم بعضهم أن فيه انقطاعاً.


١ أخرجه أحمد (٢/٢٩٩) أو رقم (٧٩٦٧- شاكر) والترمذي (٢٦٨٠) والحاكم (١/٩٠) وابن حبان (٩/٥٢/٣٧٣٦) والبهيقي (١/٣٨٦) والخطيب البغدادي في "تاريخه" (٥/٣٠٦ و٦/٣٧٦ و١٣/ ١٧) وابن أبي حاتم في "مقدمة الجرح والتعديل" (ص ١١- ١٢) وابن الجوزي في "مثير العزم الساكن" (٢/٢٨٤/٤٦٠) والفسوي في "المعرفة والتاريخ" (١/٣٤٦- ٣٤٧) وابن عدي في "الكامل" (١/١٠١) والخليلي في " الإرشاد" (١/٢١٠) والقزويني في " التدوين لأخبار قزوين" (١/١٧٥) وابن عبد البر في "التمهيد" (١/٨٥) وفي "الانتقاء في فضائل الأئمة الثلاثة الفقهاء" (ص٢٠- ٢١) والذهبي في "سير أعلام النبلاء" (٨/٥٥) وغيرهم.
من طريق: سفيان بن عيينة، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن أبي صالح، عن أبي هريرة به مرفوعاً.
وقال الترمذي: "حديث حسن".
وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.
قلت: الإسناد ضعيف؛ فإن ابن جريج وأبا الزبير من المشهورين بالتدليس، ولم يصرح أحدهما بالتحديث. وانظر لزاماً "المجالسة" (٣/١٧٢-١٧٤) فللشيخ مشهور بن حسن بحث نفيس هناك. والحديث ضعفه العلامة الألباني في "المشكاة" (٢٤٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>