للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والردة فعليه بما صنف في ذلك (كالإعلام بقواطع الإسلام) وما عده الفقهاء من أهل كل مذهب في باب حكم المرتد، فمن نطق بالشهادتين ثم أتى بما يعارضهما فلا تنجيانه.

قال الشيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية في "الرسالة السنية"- لما ذكر حديث الخوارج ومروقهم من الدين وأمره صلى الله عليه وسلم بقتالهم قال:- "فإذا كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه ممن انتسب إلى الإسلام من مرق منه -مع عبادته العظيمة حتى أمر صلى الله عليه وسلم بقتالهم- فليعلم أن المنتسب إلى الإسلام والسنة في هذه الأزمان قد يمرق أيضاً من الإسلام وذلك بأسباب؛ منها بالغلوّ الذي ذمه الله في كتابه حيث قال: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ} ١.

وعليّ بن أبي طالب حرّق الغالية من الرافضة فأمر بأخاديد خُدّت لهم عند باب كندة فقُذِفوا فيها، واتفق الصحابة على قتلهم، لكن ابن عباس كان مذهبه أن يقتلوا بالسيف بلا تحريق، وهو قول أكثر الصحابة، وقصتهم معروفة عند العلماء٢.

وكذلك الغلو في بعض المشايخ، بل الغلو في علي بن أبي طالب، بل الغلو في المسيح ونحوه، فكل من غلا في نبي أو رجل صالح وجعل فيه نوعاً من الإلهية، مثل أن يقول: يا سيدي فلان انصرني، أو أغثني، أو ارزقني، أو اجبرني، أو أنا في حسبك، ونحو هذه الأقوال؛ فكل هذا شرك وضلال، يستتاب صاحبه، فإن تاب وإلا قُتل. فإن الله إنما أرسل الرسل وأنزل الكتب ليُعْبَدَ وحده لا يُجعل معه إله آخر. والذين يدعون مع الله آلهة أخرى مثل المسيح والملائكة والأصنام لم يكونوا يعتقدون أنها تخلق الخلائق وتنزل المطر وتنبت النبات، إنما كانوا يعبدونهم أو يعبدون قبورهم أو صورهم، ويقولون: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ


١ سورة النساء: ١٧١.
٢ القصة في "صحيح البخاري" (٣٠١٧، ٦٩٢٢) و"مسند الإمام أحمد" (١/ ١٧، ٢٨٢) و"سنن أبي داود" (٤٣٥١) و"الجامع الصحيح" للترمذي (١١٧٩) و "سنن النسائي" (٧/١٠٤) وغيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>