للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال خباب بن الأرت: يا هذا؛ تقرب إلى الله بما استطعت، فلن يتقرب إليه بشيء أحب إليه مما خرج منه. وقال أبو بكر الصديق لما قرأ قرآن مسيلمة الكذاب: إن هذا الكلام لم يخرج من إلَّ؛ يعني: رب.

وجاء فيها: ومن الإيمان به؛ الإيمان بأن القرآن كلام الله، منزل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود، وأن الله تكلم به حقيقة، وأن هذا القرآن الذي أنزله الله على محمد صلى الله عليه وسلم هو كلام الله حقيقة لا كلام غيره، ولا يجوز إطلاق القول بأنه حكاية عن كلام الله أو عبارة، بل إذا قرأه الناس أو كتبوه في المصاحف لم يخرج بذلك عن أن يكون كلام الله، فإن الكلام إنما يضاف حقيقة إلى من قاله مبتدئاً لا إلى من قاله مبلغاً مؤدياً. فتمعض بعضهم من إثبات كونه كلام الله حقيقة بعد تسليمه أن الله تعالى تكلم به حقيقة، ثم إنه سلم ذلك لما بين له أن المجاز يصح نفيه وهذا لا يصح نفيه، ولما بين له أن أقوال المتقدمين المأثورة عنهم وشعر الشعراء المضاف إليهم هو كلامهم حقيقة فلا يكون شبه القرآن بأقل من ذلك، فوافق الجماعة كلهم على ما ذكر في مسألة القرآن، وأن الله متكلم حقيقة، وأن القرآن كلام الله حقيقة لا كلام غيره.

ولما ذكر فيها أن الكلام إنما يضاف حقيقة إلى من قاله مبتدئاً لا إلى من قاله مبلغاً مؤدياً؛ استحسنوا هذا الكلام وعظموه، وأخذ أكبر الخصوم يظهر تعظيم هذا الكلام كابن الوكيل وغيره، وأظهر الفرج بهذا التلخيص، وقال: إنك قد أزلت عنا هذه الشبهة، وشفيت الصدور، ويذكر شيئاً من هذا النمط.

ولما جاء ما ذكر من الإيمان باليوم الآخر وتفصيله ونظمه استحسنوا ذلك وعظموه، وكذلك لما جاء ذكر الإيمان بالقدر وأنه على درجتين، إلى غير ذلك من القواعد الجليلة، وكذا لما جاء ذكر الكلام في الفاسق الملي وفي الإيمان، لكن اعترضه على ذلك بما سأذكره، وكان ما اعترض به المنازعون المعاندون بعد انقضاء قراءة جميعها والبحث فيها عن أربعة أسئلة.

الأول: قولنا: ومن أصول الفرقة الناجية أن الإيمان والدين قول وعمل،

<<  <  ج: ص:  >  >>