للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا أدب ولا فضيلة، لا تأدبت معي في الخطاب، ولا أصبت في الجواب.

ثم قلت: الناس اختلفوا في مسألة الكلام في خلافة المأمون، وبعدها في أواخر المائة الثانية، وأما المعتزلة فقد كانوا قبل ذلك بكثير من زمن عمرو بن عبيد بعد موت الحسن البصري في أوائل المائة الثانية، ولم يكن أولئك قد تكلموا في مسألة الكلام ولا تنازعوا فيها، وإنما أول بدعتهم تكلمهم في مسائل الأسماء والأحكام والوعيد. فقال: هذا ذكره الشهرستاني في كتاب (الملل والنحل) فقلت الشهرستاني ذكره في اسم المتكلمي لِمَ سموا متكلمين، لم يذكره في اسم المعتزلة، والأمير إنما سأل عن اسم المعتزلة. وأنكر الحاضرون عليه وقالوا: غلطت.

وقلت في ضمن كلام: أنا أعلم كل بدعة حدثت في الإسلام وأول من ابتدعها، وما كان سبب ابتداعها. وأيضاً فما ذكره الشهرستاني ليس بصحيح في اسم المتكلمين، فإن المتكلمين كانوا يسمون بهذا الاسم قبل منازعتهم في مسألة الكلام، وكانوا يقولون عن واصل بن عطاء إنه متكلم، ويصفونه بالكلام، ولم يكن الناس اختلفوا في مسألة الكلام، وقلت أنا وغيري: إنما هو واصل بن عطاء، أي: لا عطاء بن واصل كما ذكره المعترض.

قلت: وواصل لم يكن بعد موت عمرو بن عبيد وإنما كان قرينه، وقد روي أن واصلاً تكلم مرة بكلام فقال عمرو بن عبيد: لو بعث نبياً ما كان يتكلم بأحسن من هذا. وفصاحته مشهورة؛ حتى قيل: إنه كان ألثغ وكان يحترز عن الراء، حتى قيل له أمر الأمير أن يحفر بئر، فقال: أوعز القائد أن يقلب قليب.

ولما انتهى الكلام إلى ما قاله الأشعري قال الشيخ المقدم فيهم: لا ريب أن الإمام أحمد إمام عظيم القدر من أكبر أئمة الإسلام لكن قد انتسب إليه أناس ابتدعوا أشياء، فقلت: أما هذا فحق، وليس هذا من خصائص أحمد، بل ما من إمام إلا وقد انتسب إليه أقوام هو منهم بريء، قد انتسب إلى مالك أناس مالك بريء منهم، وانتسب إلى الشافعي أناس هو بريء منهم، وانتسب إلى أبي حنيفة

<<  <  ج: ص:  >  >>