للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسنة، لا أن يكتبوا كتاباً لقبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتلقى الجواب بمحض الأوهام كما فعله السبكي، وتمام الكلام على الآية يطلب من محله.

الوجه الثالث: أن الصحابة الكرام اختلفوا بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخلافة اختلافاً كثيراً، وهو مذكور في محله، فلم يستفتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبره، ولم يكتبوا له: أن الأنصار يا رسول الله يقولون منا أمير ومنكم أمير، وأن بعضهم يريد أبا بكر، ومنهم من يطلب علياً، ومنهم ومنهم.

ثم إنهم اختلفوا بعد ذلك في مسائل علمية ولم يستفتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبره، ولم يجىء أحد منهم يسأله ماذا حكم الجد مع الإخوة، وأن فاطمة جاءت إلى أبي بكر تطلب إرث أبيها منه فأورد لها خبر: "نحن معاشر الأنبياء لا نورّث" فلم ترض بقوله وقامت وهي عليه غضبى١. ولم تستفتِ رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبره، ولا كتبت إليه ما فعل معها أبو بكر.

وخرج على عثمان أهل مصر وغيرهم فلم يستفتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في قبره عما كان من عثمان، ولا أن عثمان شكى عليه كما فعل السبكي.

وأن علياً ومعاوية تنازعا الأمر، وجرى بين الفريقين ما جرى؛ ولم يصدر عن أحد ما صدر عن السبكي من الشكوى والاستئذان، ومثل هذه المسائل مما لا يحيط به القلم.

الوجه الرابع: أن من اشتبه عليه أمر ولم يعلم هل هو خير أم شر ليعمل بموجبه يستخير الله تعالى، فإن الاستخارة مما درج عليه السلف وتجرى على منهاجهم الخلف، وقد تكلموا عليها في فصول:

منها: في الأمور التي هي محل الاستخارة، فقالوا: ما من شأنه أن يراد ينقسم أولاً إلى ثلاثة أقسام: الأول: ما يعلم كونه خيراً قطعاً كالواجب المضيق.


١ انظر "البخاري" (٣٠٩٢، ٣٧١١، ٤٠٣٥، ٤٢٤٠، ٦٧٢٥) و "مسلم" (١٧٥٩) .
وانظر: "رفع الاشتباه" للمعلمي (ص ١٥٣- ١٥٤- بتحقيقي- ط. المكتبة العصرية) .

<<  <  ج: ص:  >  >>