للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأعظمها تطاول السفهاء وإناطة الأمر إلى غير أهله، وعنده يترقب الخراب العام.

وابن السبكي الذي جرى مجرى أبيه لم يدع منقبة من مناقب الأولين والآخرين إلا وأثبتها لوالده ظناً منه أن الحقائق تخفى، وما درى هذا المسكين أن الأمر كما قيل:

ومهما تكن عند امرىء من خليقة ... وإن خالها تخفى على الناس تعلم

وفي المثل السائر: كل فتاة بأبيها معجبة.

والمقصود؛ أن قدح مثل السبكي بمثل الشيخ ابن تيمية كصرير باب، وطنين ذباب، ولولا التُّقى لقلنا: لا يضر السحاب نبح الكلاب.

قال النبهاني: ومنهم الحافظ ابن حجر العسقلاني، وذكر من فضله وغزارة علمه ما هو غني عن البيان، ونقل عنه عبارة ذكرها في "فتح الباري" عند الكلام على حديث: "لا تشد الرحال" إلخ، وهي قوله في مسألة تحريم شد الرحل والسفر إلى زيارة القبور: وهي من أبشع المسائل المنقولة عن ابن تيمية إلخ، ثم نقل عنه ما قاله في تقريظه على كتاب (الرد الوافر) مما ليس فيه مطعن ولا مغمز لثالب.

جوابه أن الحافظ ابن حجر العسقلاني موالاته ومحبته للشيخ ابن تيمية مما لا ينكره إلا جاهل١، وقد تلّقى العلم عن تلامذة الشيخ وأصحابه وانتفع بكتبه وقرأ كثيراً منها درساً، وهذا هو اللائق به وبأمثاله من أهل الفضل والعلم، وقد قيل: إنما يعرف ذا الفضل ذووه. والعبارة التي نقلها النبهاني عنه وهي قوله عن منعه من سفر الزيارة: وهي من أبشع المسائل المنقولة عن ابن تيمية إلخ. أي طعن فيها وقدح في عدالة ابن تيمية؟ ومن المعلوم ما كان من الردود على كل من الأئمة، ولم يخل ذلك بشرفهم ولا خفض من منزلتهم، وقد قال غير واحد من أهل العلم: إن مسألة التزوج بالبنت من الزنا من أبشع المسائل المنقولة عن


١ وللحافظ ابن حجر العسقلاني ترجمة مستقلة لشيخ الإسلام، وقد طبعت بدار ابن حزم ببيروت.

<<  <  ج: ص:  >  >>