فانظر أيها المنصف كيف ساغ للنبهاني الجهول أن يذكر السيد صفي الدين هذا من جملة من رد على الشيخ ابن تيمية وينقل عنه ما يهدم بنيانه؟ وهل ذلك إلا من جملة أحكام منصبه التي يحكم بها بغير ما أنزل الله؟ قاتله الله تعالى ما أشغفه بالباطل واتباع الهوى!
والعبارة التي نقلها محرفة غير منقولة بتمامها، وكتاب السيد صفي الدين بين الأيدي فلا نتعب البنان بنقل كلامه في هذا المقام، وقد أسلفنا مراراً أن رد بعض العلماء على بعض لا يستوجب القدح على من رد عليه ولا تبديعه ولا تفسيقه بوجه، هذا فخر الدين الرازي قد حشى تفسيره من الرد على الإمام أبي حنيفة رحمه الله، وملأه من الهذيان عليه فأيّ قدح لحق بالإمام أبا حنيفة من ذلك؟ واعترض بعض علماء المالكية على الإمام الشافعي بما لا مزيد عليه فأفي نقص لحقه منه؟ وهكذا مما لا يسع المقام بيانه، هذا لو سلمنا أن السيد صفي الدين قد رد على الشيخ، فكيف والأمر بخلاف ذلك؟.
قال النبهاني:"ومنهم الحافظ عماد الدين بن كثير الشافعي، ثم نقل من كتاب السيد صفي الدين ما ذكره من عبارته المشتملة على الثناء على الحافظ ابن القيم، إلى أن قال: نعم أوذي بسبب قوله بقول الشيخ ابن تيمية في مسألة الطلاق، ومع أنه خالف الأئمة الأربعة في ذلك فلم ينفرد به كما هو مبين في موضعه، وهو وإن كان خطأ فاحشاً فلا يوجب التفسيق" انتهى.
والجواب: ما حكيناه سابقاً؛ فإن ما نقله من الكلام هو أيضاً على نسق ما قبله، فإن النبهاني ينقل ما ذكره السيد صفي الدين من أقوال العلماء الذابة عن الشيخ فيعكس النبهاني القضية ويجعل تلك الأقوال رادة عليه، ثم ذكر كلام البلقيني، والإمام السيوطي، والكزبري، والشيخ علي القاري، والخفاجي، وابن إسحاق المالكي، والزرقاني، والصفدي، والمناوي، في الرد على الشيخ بزعمه، مع أن غالب من ذُكِرَ كانوا من المثنين عليه والموالين له، وكلامهم الذي نقله عنهم يشهد لما قلناه، ولو سلم أن في كلام بعضهم غض على الشيخ استوجبه