هذا مع أن ما نقله عن صاحبه فلا حجة فيه لما هو بصدده.
أما مسألة انقطاع الاجتهاد التي ذكرها فقد تكلمنا عليها أول الكتاب بما لا مزيد عليه، وأما ما نقله عن شيخ الإسلام فهو حق وقد شهد له بالاجتهاد المطلق أكابر العلماء، وأما قوله بالاستغاثة والتوسل فقد مر الكلام على بطلانها مفصلاً، وأما ثناؤه على الصوفية فلم يبين الثناء منه كان على أي قسم منهم، فأما من كان منهم على منهج الجنيد وأضرابه فهم أهل للثناء، وأما من كان يقول منهم بوحدة الوجود ويتكلم بما يصادم الشريعة فمدحهم والثناء عليهم مما يأباه العلماء الربانيون، فما نقله عن صاحبه لا يفيده فيما هو بصدده من ذكر كلام الرادين على شيخ الإسلام، وقد ذكرنا أنه ليس في كلامه ما يرد عليه، وكتاب النقول الشرعية قد رد عليه علماء أهل السنة فلا نناقشه على ما ذكر من السقط.
قال النبهاني: ومنهم الإمام شهاب الدين أحمد بن حجر الهيتمي المكي، وهو أشدهم رداً على ابن تيمية محاماة عن الدين، وشفقة على المسلمين، من أن يسري إليهم شيء من غلطاته الفاحشة، ولاسيما فيما يتعلق بسيد المرسلين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن نظر بعين الإنصاف شهد لهذا الإمام ابن حجر بالولاية، وأنه ربما يكون قد أطلعه الله! على ما سيحصل في المستقبل من الأضرار العظيمة التي ترتبت على أقوال ابن تيمية، من فرقته الوهابية، التي هو أصل اعتقادها، وأساس فسادها، ولا يخفى ما خصل منها من الأضرار العظيمة في حق المسلمين والإسلام، ولاسيما في الحرمين الشريفين وجزيرة العرب، فمن المحتمل احتمالاً قريباً أن يكون الحق سبحانه وتعالى قد أطلع الإمام ابن حجر على ذلك على سبيل الكرامة! وهو أهل لذلك، فإنه رضي الله عنه كان من أكابر العلماء العاملين، والأئمة الهادين المهديين، وهذا علمه وكتبه النافعة التي خدم بها الأمة المحمدية خدمة لم يشاركه فيها سواه من عصره إلى الآن قد ملأت الدنيا، وانتفع بها الخاص والعام في جميع بلاد الإسلام، ومن كان كذلك لا يستبعد عليه أن يكون الله تعالى قد أكرمه بإطلاعه على بعض المغيبات، ومنها ما حدث من فرقة الوهّابية أتباع ابن تيمية من المضار العظيمة على الشريعة