للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الله حق الجهاد لا ينكره ذوو الفهوم. وقول النبهاني هذا كما حكى الله عن إخوانه الجاهليين، ففي "شرح المسائل من خصالهم": الإيمان بالجبت والطاغوت، وتفضيل المشركين على المسلمين، قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً} ١.

قالوا: نزلت هذه الآية في حيي بن أخطب وكعب بن الأشرف في جمع من يهود، وذلك أنهم خرجوا إلى مكة بعد وقعة أحد ليحالفوا قريشاً على رسول الله صلى الله عليه وسلم وينقضوا العهد الذي بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزل كعب على أبي سفيان فأحسن مثواه، ونزلت اليهود في دور قريش، فقال أهل مكة: إنكم أهل كتاب ومحمد صلى الله عليه وسلم صاحب كتاب؛ فلا يؤمن هذا أن يكون مكراً منكم، فإن أردت أن نخرج معك فاسجد لهذين الصنمين وآمن بهما ففعل، ثم قال كعب: يا أهل مكة، ليجيء منكم ثلاثون ومنا ثلاثون فنلزق أكبادنا بالكعبة فنعاهد رب البيت لنجهدن على قتال محمد ففعلوا ذلك، فلما فرغوا قال أبو سفيان لكعب: إنك امرؤ تقرأ الكتاب وتعلم، ونحن أميون لا نعلم، فأينا أهدى طريقاً وأقرب إلى الحق نحن أم محمد؟ قال كعب: اعرضوا عليّ دينكم. فقال أبو سفيان: نحن ننحر للحجر الكوماء، ونسقيهم اللبن، ونقري الضيف، ونفك العاني، ونصل الرحم، ونعمر بيت ربنا، ونطوف به، ونحن أهل الحرم، ومحمد فارق دين آبائه، وقطع الرحم، وديننا القديم، ودين محمد الحديث. فقال كعب: أنت والله أهدى سبيلاً مما عليه محمد. فأنزل الله في ذلك الآية٢.

والجبت في الأصل: اسم صنم فاستعمل في كل معبود غير الله.


١ سورة النساء: ٥٠.
٢ أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٣/٩٧٤/٥٤٤١) وابن جرير الطبري (٨/٤٦٧- ٤٦٨/٩٧٨٧، ٩٧٨٨، ٩٧٨٩) والواحدي في "أسباب النزول" (ص ١٥٦- ط. الحميدان) والطبراني في "الكبير" (رقم: ١١٦٤٥) والبيهقي في "الدلائل" (٣/١٩٠- ١٩١) بإسناد مرسل.

<<  <  ج: ص:  >  >>