للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(المقري محمد بن أحمد بن أيوب بن الصلت) أبو الحسين المقري المعروف بابن شنبود، روى عن أبي مسلم وبشر بن موسى وخلق، وكان يختار حروفاً أنكرها أهل زمانه عليه، وصنف أبو بكر بن الأنباري محمد بن القاسم الحافظ -الذي كان يحفظ في كل جمعة عشرة آلاف ورقة- كتاباً في الرد عليه.

كان أبو بكر المذكور من أعلم الناس بالنحو والأدب، وكان لا يأكل إلا البقالي، ولا يشرب ماء إلا قريب العصر مراعاة لحفظه، عقد لابن شنبود مجلس في دار الوزير أبي علي محمد بن مقلة، وادّعى عليه بالحروف التي كان يقرؤها فأقرّ بالبعض، فضربه الوزير أبو علي بالدرة على رأسه واستتيب، فدعا على ابن مقلة فلم يفلح بعد ذلك، توفي سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة١.

(الوزير ابن مقلة) ٢ أحد المشاهير الكتّاب محمد بن علي بن الحسين بن عبد الله بن علي المعروف بابن مقلة الوزير، كان له بستان كبير جداً، وعليه- جمعيه- شبكة من أبريسم، وفيه من الطيور والقماري والهزار والطواويس شيء كثير، وفيه من الغزلان وبقر الوحش وحميره والنعام والأيل شيء كثير أيضاً. وولي الوزارة لثلاثة من الخلفاء المقتدر والقاهر والراضي، وبنى له داراً فجمع عند بنائها خلقاً كثيراً من المنجّمين، فاتفقوا على أن تبنى في الوقت الفلاني، فأسس جدرانها بين العشاءين كما أشاروا، فما لبث بعد استتمامها إلا يسيراً، وقد أنشد فيه بعض الشعراء:

قل لابن مقلة لا تكن عجلاً ... واصبر فإنك في أضغاث أحلام

تبني بأنقاض دور الناس مجتهداً ... داراً ستنقض أيضاً بعد أيام

ما زلت تختار سعداً تطلبن لها ... فلم يوف بها من نحس بهرام

إن القرآن وبطليموس ما اجتمعا ... في حال نقض ولا في حال إبرام


١انظر: "تاريخ بغداد" (١/ ٢٨٠- ٢٨١) .
٢ انظر: "سير الأعلام" (١٥/٢٢٤) و"البداية والنهاية" (١١/١٩٥) و"النجوم الزاهرة" (٣/٢٦٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>