للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في غاية الصغر، كما قال تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} ١.

وفي ذلك من الأحاديث ما سيأتي ذكر بعضها، وسواء قدر أن العرش محيط بالمخلوقات كإحاطة الكرة بما فيها، أو قيل إنه فوقها وليس محيطاً بها كوجه الأرض الذي نحن عليه بالنسبة إلى جوفها وكالقبة بالنسبة إلى ما تحتها، أو غير ذلك، فعلى التقديرين يكون العرش فوق المخلوقات والخالق سبحانه وتعالى فوقه، والعبد في توجهه إلى الله يقصد العلو دون التحت".

ثم قال شيخ الإسلام في آخر (كتاب العرش) : "قد تبين أنه سبحانه وتعالى أعظم وأكبر من أن تكون المخلوقات عنده بمنزلة داخل الفلك في الفلك، وأنها أصغر عنده من الحمصة أو الفلفلة ونحو ذلك في يد أحدنا، فإذا كانت الحمصة أو الفلفلة بل الدرهم والدينار والكرة التي يلعب بها الصبيان ونحو ذلك في يد إنسان أو تحته أو نحو ذلك هو يتصور عاقل- إذا استشعر علو الإنسان على ذلك وإحاطته به- أن يكون الإنسان كالفلك، فالله تعالى- وله المثل الأعلى- أعظم من أن يظن ذلك به، وإنما يظنه الذين لم يقدروا الله حق قدره، والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة، والسموات مطويات بيمينه، سبحانه وتعالى عما يشركون" انتهى.

وقد تبين من هذه النقول أن البحث دقيق، فلهذا لم يفهمه كثير من أهل العلم فضلاً عن النبهاني، فكلامه الذي اقتضى إعادة القول، فاللوم عليه لا علينا، والله الموفق.

هذا آخر الجزء الأول من كتاب (غاية الأماني في الرد على النبهاني) ونسأله تعالى التوفيق لإكماله، وصلى الله على سيدنا محمد وآله.

(وكان الفراغ منه على يد مؤلفه في رمضان سنة ١٣٢٥) .


١ سورة الزمر: ٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>