للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"ومن شنيع مقالاتهم في الإسلام قولهم: إن النبي صلى الله عليه وسلم لا يخلو منه زمان ولا مكان، يريدون بذلك: أنه ما من زمان إلا وهو فيه موجود، ولا من مكان إلا وهو فيه موجود -قال حفظه الله-: وهذه المقالة الشنيعة لم نرها لأحد من المتكلمين المتقدمين منهم والمتأخرين، ولا رأيناها في كتب العقائد، ولا كنا نظن أحداً يقول هذه المقالة الشنيعة، وإنما ذكرها الشيخ يوسف بن إسماعيل النبهاني البيروتي، صاحب الكتب الكثيرة في الأدعية والصلوات في منظومة له سماها "طيبة الغراء" ناقلاً لها عن البرهان الحلبي. قال: ذكر يوسف النبهاني أنه اطلع على رسالة ألفها البرهان الحلبي في هذا الموضوع، فطالعها وانتفع بها.

قال: وهذه مقالة شنيعة في الغلو في النبي صلى الله عليه وسلم، وإنزال له فوق منزلته التي أنزله الله بها، فإن هذا إشراك للنبي صلى الله عليه وسلم في أخص أوصاف الباري جل شأنه، ومهما يأوي الناس لإصلاح هذه المقالة الشنيعة فلن يجدوا إلى الخروج عن قبيحها سبيلاً، والأمر لله، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

ويا ليت شعري أي دليل قام عند هذا الذي قال هذه المقالة حتى قال بها، هل تلا في ذلك آية منزلة أو حديثاً صحيحاً؟ إن قال ذلك فقد كذب وشهد على نفسه بالكذب، أو ساق الدليل الذي أورده المتكلمون على أن الباري جل شأنه لا يحويه زمان ولا مكان فكيف النبي صلى الله عليه وسلم؟! فحكم له بما حكم للباري جل وعلا، فهو عين الشرك الصريح، ومثل هذه العقائد الفاسدة الباطلة الكاذبة يلقيها أهل الغفلة من المنتمين للعلم في آذان العامة، فتصادف منهم قبولاً وتجتمع عليها قلوبهم حتى يصير من المتعذر نزعها من أذهانهم، وربما كفّروا من أنكرها عليهم، ورأوا أن إنكار ذلك نوع من الإلحاد في الدين، واستخفاف بصاحب الشريعة المطهرة صلى الله عليه وسلم".

وقال أيده الله تعالى:"ومثل هذه العقيدة في الشر أو أقل منها فساداً دعوى بعض المغفلين ممن ينتمون إلى العلم أن النجي صلى الله عليه وسلم كان يعلم جميع ما كان وما يكون، ولأهل هذه العقيدة دلائل على هذه المقالة الشنيعة كلها مبنية على مقدّمات

<<  <  ج: ص:  >  >>