للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في مهواة من الضلال حتى زعم أن الإمام شبّه إله العالمين بالنخلة ونحوها، كل ذلك غراماً منه باتخاذ الواسطة وعبادة غير الله تعالى، قاتله الله ما أضله وأكفره.

ثم إن من زيد جهله جعل النخلة من الجماد، ولا يصلح ذلك لغة ولا عرفاً، ولا حقيقة ولا مجازاً، بل النخلة هي من الشجر، وبذلك ورد الحديث الصحيح حيث شبهها بالمؤمن١، والحمد لله الذي جعل أعداء السنة والحق من الذين لا يفرقوّن بين النبات والجماد، وشبهوا الخالق بالمخلوق، وخبطوا في أعمالهم وعقائدهم خبط عشواء.

والكلام على استدلال النبهاني بقوله تعالى: {مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ} ٢ كالكلام على ما سبق، على أن في المراد بالنور أقوالاً ليس هذا موضع ذكرها.

قال النبهاني: وقد قال ابن القيم نفسه في كتابه "طريق الهجرتين" في فصل مراتب المكلفين في الدار الآخرة وطبقاتهم فيها: "وهم ثماني عشرة طبقة؛ الطبقة الأولى- وهي العليا على الإطلاق-: مرتبة الرسالة، فأكرم الخلق على الله وأخصهم بالزلفى لديه رسله، وهم المصطفون من عباده " إلى أن قال: "ويكفي في فضلهم وشرفهم أن الله سبحانه اختصهم لوحيه، وجعلهم أمناء على رسالته، وواسطة بينه وبين عباده وخصهم بأنواع كراماته، فمنهم من اتخذه خليلاً، ومنهم من كلمه تكليماً، ومنهم من رفعه مكاناً علياً على سائرهم درجات، ولم يجعل لعباده وصولاً إلا من طريقهم، ولا دخولاً إلى الجنة إلا خلفهم، ولم يكرم أحداً بكرامة إلا على أيديهم، فهم أقرب الخلق إليه وسيلة، وأرفعهم عنده درجة، وأحبهم إليه، وأكرمهم عليه، وبالجملة فخير الدنيا والآخرة إنما ناله العباد على


١ كما في "المسند" (٢/١٩٩) و"المستدرك" (١/ ٧٥-٧٦) و"سنن النسائي الكبرى" (٦/٣٧٦/١١٢٧٨) وصحيح ابن حبان (رقم: ٢٤٧، ٥٢٣٠) و "المعجم الكبير" (٧/ رقم: ٤٥٩، ٤٦٠) وأمثال الحديث " للرامهرمزي (رقم: ٣٠- بتحقيقي) .
وانظر: "الصحيحة" رقم (٣٥٦) .
٢ سورة النور: الآية ٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>