للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي الحديث: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث" ١ الحديث، وجميع ذلك وما هو نحوه دال على انقطاع الحس والحركة من الميت، وأن أرواحهم ممسكة، وأن أعمالهم منقطعة عن زيادة ونقصان، فدل على أنه ليس للميت تصرف في ذاته فضلاً عن غيره، فإذا عجز عن حركة نفسه فكيف يتصرف في غيره، فإنه سبحانه يخبر أن الأرواح عنده، وهؤلاء الملحدون يقولون إن الأرواح مطلقة متصرفة {قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ} ٢.

قال: وأما اعتقادهم أن هذه التصرفات من الكرامات فهو من أعظم المغالطة لأن الكرامات شيء من الله تعالى يكرم بها أولياءه وأهل طاعته، لا قصد لهم فيه ولا تحدي ولا قدرة ولا علم، كما في قصة مريم ابنة عمران- وأسيد بن حضير، وأبي مسلم الخولاني.

قال: وأما قولهم فيستغاث بهم في الشدائد؛ فهذا أقبح مما قبله وأبدع لمصادمة قوله: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ} ٣ {قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} ٤.

وذكر الآيات في هذا المعنى، ثم قال: فإنه جل ذكره كرر أنه الكاشف للضر لا غيره، وأنه المنفرد بإجابة المضطر، وأنه المستغاث به لذلك كله، وأنه القادر على رفع الضر القادر على إيصال الخير فهو المتفرد بذلك، فإذا تعين هو جل ذكره خرج غيره من ملك ونبي وولي.

قال: والاستغاثة تجوز في الأسباب االظاهرة العاديه من الأمور الحسية في قتال أو إدراك عدو أو سبع ونحوه، كقولهم: يا لزيد، يا للمسلمين، بحسب الأفعال الظاهرة بالفعل، وأما الاستغاثة بالقوة أو التأثير أو في الأمور المعنوية من


١ أخرجه مسلم (١٦٣١) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
٢ سورة البقرة: ١٤٠.
٣ سورة النمل: ٦٢.
٤ سورة الأنعام: ٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>