للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنه أنه قال: كان بين آدم ونو٥ عشرة قرون كلهم على الإسلام وقد قال في سورة يونس: {وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا} ١ فذمهم على الاختلاف بعد أن كانوا على دين واحد فعلم أنه كان حقاً.

والاختلاف في كتاب الله على وجهين:

أحدهما: أن يكون كله مذموماً كقوله: {وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ} ٢.

والثاني: أن يكون بعضهم على الحق وبعضهم على الباطل، كقوله {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ} ٣ لكن إذا أطلق الاختلاف فالجميع مذموم، كقوله {وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ} ٤.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم"٥.

ولهذا فسّروا الاختلاف في هذا الموضح بأنه كله مذموم، قال الفراء: في اختلافهم وجهان: "أحدهما" كفر بعضهم بكتاب بعض. "والثاني" تبديل ما بدلوا، وهو كما قال، فإن المختلفين كل منهم يكون معه حق وباطل فيكفر بالحق الذي مع الآخر ويصدق بالباطل الذي معه، وهو تبديل ما بدل، فالاختلاف لا بد أن يجمع النوعين.


١ سورة يونس: ١٩.
٢ سورة البقرة:١٧٦.
٣ سورة البقرة: ٢٥٣.
٤ سورة هود: ١١٨- ١١٩.
٥ أخرجه مسلم (١٣٣٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>