شأنه بفنون المحامد "وصنوف الإحسان، والصلاة والسلام على أكمل الخليقة، ومن غدا شريف مدحه مجازاً للوصول إلى عين الحقيقة، وعلى آله وأصحابه المترجمين بألسنة سيوفهم عن الحق المبين والمتأدبين بآدابه.
أما بعد؛ فيقول العبد المفتقر إلى خفي الألطاف، مدرس الحضرة القادرية عبد السلام المنتمي إلى الشواف، إن كتاب "حديقة الورود في ترجمة حضرة شيخنا العلامة أبي الثناء شهاب الدين محمود" وإن تضمن من أزهار مدائحه قدست روحه كل منقبة عالية، وتكفل من نشر أريج فضائله بكل فضيلة غالية، قد انتظمت في سلكه الدراري والدرر، وأزهرت في رياضه ورود البلاغة ولا زهر الخمائل غب المطر، من نظم رق وراق، ونثر سما وفاق، قد اعتصر من عناقيد الإبداع، فلم يتفق مثله في عصر ومصر من حقائق الاختراع، فانتشى به عقل الدهر، غير أنه لطوله لا يقف الناظر فيه على مجمل خصال الممدوح، ولا يتضح للواقف أنموذج شمائل المترجم كمال الوضوح، فأحببت أن أحرر شريف ترجمته على سياق التراجم المعتادة في كتب التواريخ على سبيل الإجمال، وأكتب في هذه الأوراق ملخص فضائله على طرز بيان فضائل الفضلاء بموجز من المقال، ولعمري إني لا أقدر أن أؤدي ما يليق بشأنه، والحري بعلو قدره وعرفانه.
ولو أن ثوباً حيك من نسج تسعة ... وعشرين حرفاً في علاه قصير
فنظمت هذه العقود، وقلت غير مكترث بحسود، متوكلاً على ذي الكرم والجود: إن شيخنا- طيب الله ثراه. وجعل الفردوس الأعلى مستقره ومثواه- هو المولى الحبر، ذو الفضل الممدود، أبو الثناء شهاب الدين السيد محمود، نجل الفاضل النقي، والزاهد التقي، الحليم الأواه، مولانا السيد الحاج عبد الله، نجل الطيبين الطاهرين بلا اشتباه، حتى تنتهي سلسلة نسبه الشريف إلى حضرة جده الأعلى سيد العالمين، صلى الله تعالى عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين إلى يوم الدين، وقد كان عليه الرحمة آية من آيات الله في جميع العلوم، وأعجوبة من عجائب الدهر في المنطوق منها والمفهوم، علامة دهره في المعقول والمنقول، وفهامة عصره في الفروع والأصول.. إلى آخر ما قال من العبارات المزرية بعقود