للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دين يُدَانُ بها، العلم يكسب العالم الطاعة في حياته، وجميل الأحدوثة بعد وفاته، وصنيعة المال تزول بزواله، مات خُزّان الأموال وهم أحياء، إن ههنا علماً، والعلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة، وأمثالهم في القلوب موجودة، هاه هاه، إن ههنا علماً -وأشار بيده إلى صدره- لو أصبت له حملة بلى أصبته لقناً غير مأمون عليه، يستعمل آلة الدين للدنيا، يستظهر بحجج الله على كتابه، وبنعمه على عباده، أو منقاداً لأهل الحق لا بصيرة له في أحنائه، ينقدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهة لا ذا ولا ذاك، أو منهوماً للذات، سلس القياد للشهوات، أو مغرى بجمع الأموال والادخار، ليسا من دعاة الدين، أقرب شبهاً بهم الأنعام السائمة، لذلك يموت العلم بموت حامليه، اللهم بلى لن تخلو الأرض من قائم لله بحجته، كيلا تبطل حجج الله وبيناته، أولئك الأقلون عدداً، الأعظمون عند الله قيلاً، بهم يدفع الله عن حججه حتى يؤدّوها إلى نظرائهم، ويزرعوها في قلوب أشباههم، هجم بهم العلم على حقيقة الأمر، فاستلانوا ما استوعر منه المترفون، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون، صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالملأ الأعلى، أولئك خلفاء الله في أرضه، ودعاته إلى دينه، هاه هاه شوقاً إلى رؤيتهم، وأستغفر الله لي ولك، إذا شئت فقُم"١. ذكره أبو نعيم


١ وصية الإمام علي بن أبي طالب لكميل بن زياد؛ أخرجها: الخطيب البغدادي في "تاريخه" (٦/٦٧٩) وفي "الفقيه والمتفقه" (١/١٨٢-١٨٣/١٧٦) والشجري في "الأمالي" (١/٦٦) وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (١/٧٩- ٨٠) والذهبي في "تذكرة الحفاظ" (١/١١) والمزّي في "تهذيب الكمال" (٢٤/ ٢٢٠) والنهرواني في "الجليس الصالح" (٣/٣٣١) وابن عبد ربه الأندلسي في "العقد الفريد" (٢/٧- ٧٤- ط. المكتبة العصرية) وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (١٤/٦٠٦) .
وذكرها بتمامها أو جزءاً منها. ابن عبد البر في "جامع بيان العلم" (١/١٤٥/١٤٩) و (٢/٩٨٤- ٩٨٥/١٨٧٨- ط. ابن الجوزي" وابن القيم في "أعلام الموقعين" (٢/١٩٥) وفي "مفتاح دار السعادة" (١/٤٠٣- ٤٠٤- ط. ابن عفان) وابن أبي الحديد في "شرح نهج البلاغة" (٤/٣١١) وابن كثير في "البداية والنهاية" (٩/ ٤٧) وابن أبي العز في "الاتباع" (ص٨٥- ٨٦) والشاطبي في "الاعتصام" (٢/٨٧٥- ٨٧٦- ط. ابن عفان) أو (٣/ ٤٦٦- ط. الشيخ مشهور بن حسن) والماوردي في "أدب الدنيا والدين" (ص ٥٩- ط. ابن كثير) .
وشرحها الشيخ الفاضل سليم بن عبد الهلالي -حفظه الله- في "الإسعاد بذكر فوائد وصية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب لكميل بن زياد"وطبعت بدار الصميعي بالرياض.

<<  <  ج: ص:  >  >>