للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا الأمر الفظيع والحال الشنيع إلى الحضرة الشريفة السلطانية- زادها الله شرفاً- وكتبوا أجوبتهم في تصويب ما أجاب به الشيخ سلمه الله تعالى في فتاواه، وذكروا من علمه وفضائله بعض ما هو فيه، وحملوا ذلك بين يدي مولانا ملك الأمراء أعز الله أنصاره، وضاعف اقتداره، غيرة منه على هذا الدين، ونصيحة للإسلام وأمراء المسلمين، والآراء المولوية العالية أولى بالتقديم، لأنها ممنوحة بالهداية إلى الصراط المستقيم.

قلت: والظاهر أن هذه الكتب لم تصل للسلطان الملك الناصر، إما لعدم من يوصلها له أو لموت الشيخ قبل وصولها، وإلا لظهر لها نتيجة، ولم أقف على ذلك، وهذه الأجوبة والكتب وصلت كلها إلى دمشق.

ثم إن الشيخ رحمه الله استمر مقيماً بالقلعة سنتين وثلاثة أشهر وأياماً إلى أن توفي، وما زال في تلك المدة معظماً مكرماً، يكرمه نقيب القلعة ونائبها إكراماً كثيراً، ويقضيان حوائجه ويبالغان في قضائها، وما برح في هذه المدة مكباً على العبادة والتلاوة وتصنيف الكتب والرد على المخالفين، وكتب على تفسير القرآن جملة كثيرة تشتمل على نفائس جليلة، ونكت دقيقة، ومعاني لطيفة، وبين في ذلك مواضع كثيرة أشكلت على خلق من علماء أهل التفسير، وكتب في المسألة التي حبس بسببها عدة مجلدات، منها كتاب في الرد على الأخنائي قاضي المالكية، ومنها كتاب كبير حافل في الرد على بعض قضاة الشافعية، وأشياء كثيرة في هذا المعنى، وكان ما صنفه في هذه المدة قد خرج بعضه من عنده وكتبه بعض أصحابه وظهر واشتهر، فلما كان قبل وفاته بشهر ورد مرسوم بإخراج ما عنده كله، ولم يبق عنده كتاب ولا ورق ولا دواة ولا قلم، وكان بعد ذلك إذا كتب ورقة إلى بعض أصحابه كتبها بفحم، ولما أخرج ما عنده من الكتب والأوراق حمل إلى القاضي علاء الدين القونوي وجعل تحت يده في المدرسة العادلية.

<<  <  ج: ص:  >  >>