للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الشرعة والمنهاج، وجعل للنبي صلى الله عليه وسلم ما في القرآن من الشرعة والمنهاج، وأمره أن يحكم بما أنزل الله، وحذره أن يفتنوه عن بعض ما أنزل الله، وأخبره أن ذلك هو حكم الله، ومن ابتغى غيره فقد ابتغى حكم الجاهلية، وقال: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} .

ولا ريب أن من لم يعتقد١ وجوب الحكم بما أنزل الله على رسوله فهو كافر، فمن استحل أن يحكم بين الناس بما يراه هو عدلاً من غير اتباع لما أنزل الله فهو كافر، فإنه ما من أمة إلا وهي تأمر بالحكم بالعدل، وقد يكون العدل في دينها ما رآه أكابرهم، بل كثير من المنتسبين إلى الإسلام يحكمون بعاداتهم التي لم ينزلها الله، كسوالف البادية، وكأوامر المطاعين فيهم، ويرون أن هذا هو الذي ينبغي الحكم به دون الكتاب والسنة، وهذا هو الكفر، فإن كثيراً من الناس أسلموا، ولكن مع هذا لا يحكمون إلا بالعادات الجارية لهم التي يأمر بها المطاعون، فهؤلاء إذا عرفوا أنه لا يجوز الحكم إلا بما أنزل الله فلم يلتزموا ذلك بل استحلوا أن يحكموا بخلاف ما أنزل الله فهم كفار، وإلا كانوا جهّالاً كمن تقدم أمره٢.


١ انظر كيف اشترط شيخ الإسلام هنا الاعتقاد، ثم اشترط الاستحلال بعد ذلك في هذه المسألة؛ مسألة الحكم بغير ما أنزل الله. فهل سيقول أذناب الخوارج: إن شيخ الإسلام مرجىء أو إنه وقع في الإرجاء؟!
واعلم أيها السُّنّي بأن كلام شيخ الإسلام هذا هو الحق الذي عليه كبار العلماء اليوم؛ وعلى رأسهم المحدث الألباني والعلامة ابن باز والعلامة ابن عثيمين- رحمهم الله أجمعين- وبه يقولون.
فلا تغترَّ بعد ذلك بكلام المارقين أذناب الخوارج؛ الطاعنين بعلماء أهل السنة، كأبي قتادة الفلسطيني أو أبي بصير! أو عصام المقدسي! أو الفزّازي المغربي! وغيرهم من الصعاليك المتهوّرين الذين أمطروا الشباب بوابل من فتاويهم الشاذّة، والذين كفّروا المسلمين بجهلهم، وضلّلوا عقول كثير، والله نسأل أن يريح الأمة من شرورهم، وأن يردّهم على أعقابهم خاسرين.
٢ وهكذا يكون كلام العلماء الربانيين، فالتزم به أيها الموحّد هُديت إلى الحق، وميّز بينه وبين شنشنة التكفيريين.

<<  <  ج: ص:  >  >>