للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يلزم الناس بقول عالم ولا أمير ولا شيخ ولا ملك، ومن اعتقد أنه يحكم بين الناس بشيء من ذلك ولا يحكم بينهم بالكتاب والسنة فهو كافر، وحكام المسلمين يحكمون في الأمور المعينة لا يحكمون في الأمور الكلية، وإذا حكموا في المعينات فعليهم أن يحكموا بما في كتاب الله، فإن لم يكن فبما في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن لم يجدوا اجتهد الحاكم برأيه.

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "القضاة ثلاثة: قاضيان في النار، وقاض في الجنة، فمن علم الحق وقضى به فهو في الجنة، ومن علم الحق وقضى بخلافه فهو في النار ومن قضى للناس على جهل فهو في النار". وإذا حكم بعلم وعدل فإذا اجتهد فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر، كما ثبت ذلك في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجهين.

والمقصود هنا؛ أنه إذا وجب فيما شجر بين عموم المؤمنين أن لا يتكلم إلا بعلم وعدل ويرد ذلك إلى الله والرسول فذاك في أمر الصحابة أظهر، فلو طعن طاعن في بعض ولاة الأمور من ملك وحاكم وأمير وشيخ ونحو ذلك وجعله كافراً متعدياً على غيره في ولاية غيرها، وجعل غيره هو العالم العادل المبرأ من كل خطأ وذنب، وجعل كل من أحب الأول وتولاّه كافراً أو ظالماً مستحقاً للسب وأخذ يسبه- فإنه يجب الكلام في ذلك بعلم وعدل.

والرافضة سلكوا في الصحابة مسلك التفرق، فوالوا بعضهم وغلوا فيه، وعادوا بعضهم وغلوا في معاداته. وقد يسلك كثير من الناس ما يشبه هذا في أمرائهم وملوكهم، وعلمائهم وشيوخهم، فيحصل بينهم رفض في غير الصحابة، تجد أحد الحزبين يتولى فلاناً ومحبيه ويبغض فلاناً ومحبيه، وقد يسب ذلك بغير حق، وهذا كله من التفرق والتشيع الذي نهى الله عنه ورسوله، فقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} ١ وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ


١ سورة الأنعام: ١٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>