للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَارِهُونَ} [هود: ٢٨]، أنَّا لسْنا بمثابةِ مَنْ يجيءُ منه هذا الإلزامُ، وأَنَّ غيرَنا مَنْ يَفعله، جلَّ الله تعالى.

وقد يَتوهَّمُ المتوهمُ في الشيءِ مِن ذلك أنه يحتملُ، فإِذا نَظَر لم يَحْتمل، فمِنْ ذلك قولُه:

أيقتلُني والمشرفيُّ مُضاجِعي١

وقد يَظنُّ الظانُّ أنه يَجوز أن يكونَ في معنى أنه ليس بالذي يَجيء منه أن يَقْتلَ مثْلي، ويَتعلَّق بأنه قالَ قَبْلُ:

يَغِطُّ غَطيطَ البَكر شُدَّ خِنَاقُهُ ... لِيَقْتُلَنِي والمرءُ ليسَ بقتَّالِ

ولكنهُ إِذا نظَر عَلِمَ أنَّه لا يَجوز، وذاكَ لأنه قالَ: "والمشرفيُّ مضاجِعي" فذكَرَ ما يكونُ مَنْعاً منَ الفعل، ومحالٌ أن يقولَ: "هو ممَّنْ لا يَجيءُ منه الفعلُ"، ثم يقولُ: "إِني أَمنعُهُ"، لأنَّ المَنْعَ يُتَصَوَّر فيمن يَجيءُ منه الفعلُ، ومَع مَنْ يَصِحُّ منه، لا مَنْ هو منه مُحالٌ، ومَن هو نفسه عنه عاجز، فاعرفه.

تفسير الاستفهام الدال على الإنكار:

١١٠ - واعلمْ أَنَّا وإِنّ كنَّا نُفَسِّر "الاستفهامَ" في مثلِ هذا بالإِنكار فإنَّ الذي هو مَحْضُ المعنى: أَنه لِيَتَنَبَّه السامعُ حتى يَرجعَ إِلى نفسِه فيخجلَ ويرتدعَ ويعيي بالجواب٢، إمَّا لأنه قدِ ادَّعَى القدرةَ عَلَى فِعْلٍ لا يَقدرُ عليه، فإِذا ثبتَ على دَعْواه قيل له: "فافْعَلْ"، فيَفْضحُه ذلك٣ وإمَّا لأنه هم


١ انظر البيت في رقم: ١٠٧.
٢ في "س": "لقيته السامع"، وأسقط "ليرتدع".
٣ في "ج": "ففضحه".