للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

و "أتدعون غيرَ الله؟ "١ وذلك لأنه قد حصَل بالتقديم معنى قولك: "أيكون غير الله بمثابة أن يتخذ ولياً؟ وأَيرْضى عاقلٌ مِنْ نفسهِ أنْ يفعلَ ذلك؟ وأيكونُ جهلٌ أجهلَ وعمّى أعمى من ذلك؟ "، ولا يكونُ شيءٌ مِن ذلك إِذا قيلَ: "أأتَّخِذُ غيرَ الله ولياً". وذلك لأنَّه حينئذٍ يَتَناولُ الفعلَ أن يكونَ فقط، ولا يَزيد على ذلك، فاعرفْه.

١١٤ - وكذلك الحكْمُ في قولِهِ تَعالى: {فَقَالُوا أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ} [القمر: ٢٤] ٢، وذلك لأنهم كُفْرَهم على أَنَّ مَنْ كان مثْلَهم بَشَراً، لم يكُن بمثابةِ أنْ يُتَّبع ويُطاع، ويُنْتَهَى إِلى ما يَأْمر، ويُصدَّقَ أَنه مبعوثٌ منَ الله تعالى، وأنهم مأمورون بطاعتهِ، كما جاء في الأُخرى: {إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا} [إبراهيم: ١٠]، وكقوله عزَّ وجلَّ {مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً} [المؤنون: ٢٤].

فهذا هو القولُ في الضَّربِ الأَول، وهو أن يكونَ "يَفْعلُ" بَعد الهمزة لِفعلٍ لم يكن.

معنى التقديم والفعل موجود:

١١٥ - وأما الضربُ الثاني، وهو أن يكونَ "يَفْعَل" لفعلٍ موجودٍ، فإنَّ تقديمَ الاسم يَقتضي شَبَهاً بما اقتضاهُ في "الماضي"٣، منَ الأخذ بأن يُقرَّ أنه الفاعلُ، أو الإِنكارُ أنَ يكونَ الفاعل.


١ في هامش "ج" هنا حاشية لم أستطع أن أقرأها.
٢ في المطبوعة و "ج": {قالوا أبشرًا}، وفي "س": "وقالوا"، والتلاوة ما أثبت.
٣ في المطبوعة: "شبهًا"، وكذلك في نسخة عند "س".