للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنْ تُسمِعَ الصمَّ؟ " وأن يُجْعَل في ظَنَّه أنَّه يستطيعُ إِسماعَهم، بمثابةِ مَنْ يَظُنُّ أنَّه قد أُوتيَ قدرةً على إِسماعِ الصُّمَّ.

ومن لطيف ذلك قول ابن أبي عيينة١:

فدَع الوعيدَ فَما وعيدُكَ ضائري ... أَطنِينُ أجنحةِ الذُّبَابِ يَضيرُ٢؟

جعلَه كَأنه قد ظَنَّ أنَّ طنينَ أجنحةِ الذبابِ بمثابةِ ما يَضيرُ، حتى ظن أن وعيده يضير.

تفسير تقديم المفعول على المضارع، وهو فعل لم يكن:

١١٣ - واعلمْ أنَّ حالَ المفعولِ فيما ذكرنا كحالِ الفاعلِ، أعني تقديمَ إسمِ المفعول يَقتضي أنْ يكونَ الإنكارُ في طريق الإِحالة والمنعِ مِنْ أن يكونَ٣، بمثابةِ أَنَّ يُوقَع به مثلُ ذلك الفعلُ، فإِذا قلْتَ: "أزيداً تضربُ؟ "، كنتَ قد أَنكرْتَ أن يكونَ "زيدٌ" بمثابة أن يُضرَبَ، أَو بموضعٍ أن يُجْترأَ عليه ويُسْتَجازَ ذلك فيه، ومِن أَجْل ذلك قُدِّمَ "غير" في قولهِ تعالى: {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا} [الأنعام: ١٤] وقولهِ عزَّ وَجَلَ: {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ} [الأنعام: ٤٠]، وكان له من الحُسْن والمزيَّة والفخامة، ما تَعلمُ أنه لا يكونُ لو أُخِّرَ فقيلَ: "قلْ أأتخذ غير الله وليًا".


١ في "س": "ابن عيينة": وهو خطأ، هو: "عبد اللهبن محمد بن أبي عيينة".
٢ من شعره، في كامل المبرد ١: ٢٤٨. يقوله لعلي بن محمد بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وكان دعاه إلى نصرته حين ظهرت المبيضة، فلم يجبه، فتوعده علي بن محمد، فقال له هذا الشعر:
أعلى إنك جاهل مغرور ... لا ظلمة لك ولا لك نور
٣ في المطبوعة: "أعني تقدم الاسم المفعول".