للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بـ "مثْل" إلى إنسانٍ سِوَى الذي أُضيفَ إِليه، ولكنَّهم يَعْنون أَنَّ كلَّ مَنْ كان مِثْلَه في الحالِ والصفةِ، كانَ مِن مُقْتَضى القياس ومُوجِب العُرْفِ والعادة أنْ يَفْعلَ ما ذكرَ، أوْ أن يلا يفعل. ومن أجل أن كان المعنى كذلك قال١:

ولَمْ أَقُلْ مثْلُكَ، أَعني به ... سِوَاك، يا فَرْداً بلا مُشْبِهِ٢

١٣٦ - وكذلك حكمُ "غَيْر" إذا سُلِكَ به هذا المسْلَكَ فقيل: "غَيْري يفعل ذلك"، على معنى أني لا أفعلُه، لا أن يومئ بـ "غير" إلى إنسانٍ فيُخبر عنه بأن يفعلَ، كما قال:

غَيْرِي بأَكْثَرِ هذا الناسِ يَنْخَدِعُ٣

وذاك أنَّه معلومٌ أنَّه لم يُرد أن يُعرِّضَ بواحدٍ كان هناك فيستنقصُه ويصفُه بأنَّه مَضعوفٌ يُغَرُّ ويُخْدَع، بل لم يُردْ إلاَّ أن يقول: إني لَستُ ممن يَنْخَدِعُ وَيَغْتَرُّ. وكذلك لم يرد أبو تمام بقوله:

وغَيُري يَأكُلُ المَعْرُوفَ سُحْتاً ... وتَشْحُبُ عِنْدَه بِيضُ الأَيادي٤

أَنْ يُعَرِّضَ مثلاً بشاعرٍ سِواه، فَيزعُم أنَّ الذي قرِفَ به عندَ الممدوح من أنه هجاهُ، كان من ذلك الشاعرُ لا منه. هذَا محالٌ، بل ليس إلاَّ أَنه نَفى عن نفسهِ أن يكونَ ممَّن يَكْفُر النعمة ويلؤم.


١ في المطبوعة: "أن المعنى كذلك".
٢ هو آخر قصيدة المتني التي سلف بيتها قبل قليل.
٣ هو المتبني، في ديوانه، والمصراع الثاني:
إن قاتلوا جبنوا، أو حدثوا شجعوا
٤ في ديوانه.