فمتى رأيتَ اسمَ فاعلٍ أو صفة منَ الصفات قد بُدىءَ به، فجُعل مبتدأً، وجُعل الذي هو صاحبُ الصِّفة في المعنى خبراً، فاعلَمْ أنَّ الغرضَ هناك، غيرُ الغرض إذا كان اسمُ الفاعل أو الصفةُ خبراً، كقولك:"زيد المنطق".
اختلاف معنى التقديم والتأخير في المعرفتين إذا كانتا مبتدأ وخبرا:
٢٠٦ - واعلمْ أنه ربَّما اشتَبهتْ الصورةُ في بعضِ المسائل من هذا البابِ، حتى يُظنَّ أنَّ المعرفتين إذا وقعتا مبتدأ وخبراً، لم يختلفِ المعنى فيهما بتقديمٍ وتأخير. ومما يُوهم ذلك قولُ النحويين في "باب كان": "إذا اجتمعَ معرفتانِ كنتَ بالخِيار في جعْلِ أيِّهما شئتَ اسماً، والآخر خَبراً، كقولك: "كان زيدٌ أخاط" و "كان أخوك زيداً"، فيُظَنُّ مِنْ ههنا أنَّ تكافؤَ الاسمين ي التعريف يقتضي أن لا يَختلِف المعنى بأن نبدأ بهذا وثنتنى بذاك، وحتى كان الترتيبُ الذي يُدَّعى بينَ المبتدأ والخبر وما يُوضع لهما من المنزلِة في التقدم والتأخر، يَسْقطُ ويرتَفِعُ إذا كان الجزآن معاً معرفتين.
٢٠٧ - ومما يُوهم ذلك أنك تقول: "الأمير زيد"، و "جئتك والخليفةُ عبدُ الملك"، فيكون المعنى على إثباتِ الإمارة لزيدٍ، والخلافةِ لعبدِ الملك، كما يكونُ إذا قلت: "زيد الأمير" و "عبد الملك الخليفةُ"، وتقولهُ لمن لا يُشاهِد١، ومَنْ هو غائبٌ عن حضرةِ الإمارة ومعْدِن الخلافة.
وهكذا من يتوهم في نحو قوله:
١ في المطبوعة: "تقوله لمن يشاهد"، أسقط "لا"، ففسد الكلام.