للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفرق بين: "المنطلق زيد" و"زيد المنطلق" والمبتدأ والخبر معرفتان

٢٠٥ - وأمَّا قولُنا: "المنطلقُ زيدٌ"، والفرْقُ بينَه وبينَ أن تقول: "زيدٌ المنطلقُ"١، فالقولُ في ذلك أنك وإنْ كنتَ تَرى في الظاهر أنهما سواءٌ من حيثُ كانَ الغرضِ في الحَالَيْن إثباتَ انطلاقٍ قد سَبَق العلمُ به لزيدٍ٢، فليسَ الأمرُ كذلك، بل بينَ الكلامَيْن فصْلٌ ظاهرٌ.

وبيانُه: أنك إذا قلتَ: "زيدٌ المنطلقِ"، فأنتَ في حديِث انطلاقٍ قد كان، وعرَفَ السامعُ كونَه، إلاَّ أنه لم يَعْلم أَمِنْ زيدٍ كان أمْ مِن عَمرو؟ فإذا قلت: "زيدٌ المنطلقُ"، أزلتَ عنه الشكَّ وجعلْتَه يَقْطعُ بأنه كان مِنْ زيدٍ، بعد أن كان يَرى ذلك على سَبيل الجَواز.

وليس كذلك إذا قدمت "المنطلقُ" فقلت: "المنطلق زيد"، بلى يكون المعنى حيئذ على أنك رأَيْتَ إنساناً ينطِلق بالبُعْد منك، فلم تثبته٣، ولم تعلَمْ أزيدٌ هو أمْ عمروٌ، فقال لك صاحبُك: "المنطلقُ زيدٌ"، أي هذا الشخصُ الذي تراه من بُعْد هو زيدٌ.

وقد تَرى الرجلَ قائِماً بين يديكَ وعليه ثوبُ ديباجٍ، والرجلُ ممن عرفْتَه قديماً ثم بَعُدَ عَهْدُك به فتناسَيْتَه، فيقالُ لك: "اللابسُ الديباجَ صاحبُك الذي كان يكونُ عندَك في وقتِ كذا، أمَا تعرِفُه؟ لَشَدَّ ما نَسِيتَ"، ولا يكون الغرض أن يثبت له ليس الديباجِ، لاستحالةِ ذلك، من حيثُ إنَّ رؤيتَك الديباجَ عليه تُغْنيك عن إخبارِ مُخْبر وإثباتِ مثبت لبسه له.


١ في المطبوعة: "بينه وبين زيد المنطلق".
٢ في المطبوعة: "من حيث كون الغرض ... ".
٣ في المطبوعة وحدها: "فلم تثبت".