للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقول الآخر:

أخوك الذي إن ريته قال إنما ... أريت وإن غاتبته لانَ جانِبُهْ١

فهذا ونحْوُه على أنكَ قدَّرْتَ إنساناً هذه صفتُه وهذا شأْنُه، وأَحلْتَ السامعَ على من يَعِنُّ في الوهم٢، دون أن يكونَ قد عرفَ جرلًا بهذه الصفةِ فأعلمتَه أن المستحِقَّ لاسمِ الأُخوَّة هو ذلك الذي عَرَفه، حتى كأنك قلتَ: "أخوك زيدٌ الذي عرفتَ أنكَ إنْ تدعُه لملمة يحبك".

٢٠٤ - ولكَوْن هذا الجنسِ معهوداً من طريقِ الوَهم والتخيُّل، جَرىَ على ما يُوصفُ بالاستحالةِ، كقولكَ للرجل وقد تَمنَّى: "هذا هو الذي لا يكون"، و "هذا ما لا يدخل في الوجود"، وكقوله:

مالا يَكونُ فلاَ يَكونُ بحيلَةٍ ... أبداً وَمَا هُوَ كائنٌ سَيُكُونُ٣

وَمِنْ لطيفِ هذا الباب قولُه:

وإنِّي لمشتاقٌ إلى ظلِّ صاحبِ ... يَروقُ ويَصْفو إنْ كَدِرْتُ عليهِ٤

قَدْ قدَّر كما تَرى ما لَمْ يعلمْه موجوداً، ولذلك قال المأمونُ: "خذْ منِّي الخِلافةَ وأعطني هذا الصاحب". فهذا التعريفُ الذي تَراه في الصاحب لا يَعْرِضُ فيه شك أنه موهوم.


١ هو لشار من يرد في ديوانه.
٢ في المطبوعة: "يتعين في الوهم"، خطأ.
٣ هو لعبد الله بن محمد بن أبي عيينة، بقوله لذى اليمينين، الكامل للمبرد ١: ٢٣.
٤ هو لأبي العتاهية. ديوانه "بيروت"، الأغاني ١١: ٣٤٦ "الدار"، كتاب بغداد لطيفور: ٣٣٢.