للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للمخاطب: "ضع في نسك معنى قولك: رجل متشروك في جُلِّ مالهِ، ثم تأمْل فلاناً، فإنك تَسْتملي هذه الصورةَ منه، وتَجدهُ يؤدِّيها لك نَصّاً، ويأتيكَ بها كَمَلاً".

٢٠٢ - وإن أردْتَ أن تسمعَ في هذا المعنى ما تَسْكُن النفسُ إليه سكونَ الصَّادي إلى بَرْد الماءِ، فاسمعْ قوله:

أن الرجل المدعو عاق فقرِهِ ... إذا لَمْ تُكارِمْني صروفُ زَمَاني١

وإنْ أردت أعجب من ذلك فقوله:

أهدَى إليَّ أبو الحُسين يَدا ... أَرْجو الثوابَ بها لديه غدا

وكذلك عاداتُ الكَريم إذا ... أَوْلَى يَداً حُسِبَتْ علَيْهِ يدا

إن كان يحسد نفسه أحد، ... فلأزعمك ذلك الأحد٢

فهذا كلُّه على معنى الوْهم والتقدير، وأن يُصَوِّر في خاطرِه شيئاً لم يَره ولم يَعْلمه، ثم يُجْريه مُجْرى ما عَهِد وعَلِم.

"الذي" ومجيئها في الخبر الموهوم:

٢٠٣ - وليس شيءٌ أغلبَ على هذا الضرْبِ المَوْهوم من "الذي"، فإنه يجيء كثيرًا من أنك تُقدِّر شيئاً في وَهْمك، ثم تُعبِّر عنه "بالذي"، ومثال ذلك قوله:

أخوك الذي إن تدعه لملمة ... يحبك وإن تغضب إلى السيف يغضب٣


١ لم أقف عليه بعد.
٢ هو لابن الرومي في دويانه: ٧٨٦.
٣ هو لأبي حوط، حجية بن المضرب الكسوني، والشعر في شرح حماية التبريزي ٣: ٩٨، والمؤتلف والمختلف للآمدي: ١٨٣.