للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المحبات كلها حتى صبرت الذي لا يُعْقَلُ للمحبةِ معنًى إلاَّ فيه. وإنما الذي يريدون أنَّ المحبةَ مني بجملتها مقصورةٌ عليكَ، وأنه لَيْسَ لأحدٍ غيرَكَ حظٌّ في محبةٍ منِّي.

٢١٣ - وإذا كان كذلك بانَ أَنه لا يكونُ بمنزلةِ "أنتَ الشجاعُ"، تريدُ الذي يتكامل الوصفُ فيه١، إلا أنه يَنْبغي من بَعْدُ أن تعْلم أَنَّ بينَ "أنتَ الحبيبُ" وبينَ "زيدٌ المنطلقٌ" فرقاً، وهو أنَّ لكَ في المحبة التي أَثْبَتَّها طرفاً من الجنسية، من حيثُ كان المعنى أنَّ المحبَّةَ مني بجملتها مقصورةٌ عليك، ولم تَعمدْ إلى محبةٍ واحدةٍ من مَحَبَّاتك. ألا تَرى أنَّك قد أَعطَيْتَ بقولكَ: "أنتَ الحبيبُ" أنك لا تُحِبُّ غيرَه، وأنْ لا محبةَ لأحدٍ سِواه عندَك؟ ولا يتصور هذا في "زيد المنطلق"، لأنه وجْهَ هناك للجنسيةِ، إذْ ليس ثَمَّ إلا انلاطق واحدٌ قد عَرفَ المخاطبُ أنه كان، واحتاجَ أن يُعيَّن له الذي كان منه ويُنَصَّ له عليه. فإن قلتَ: "زيدٌ المنطلقُ في حاجتك"، تريدُ الذي من شأنه أن يَسْعى في حاجَتك، عرَضَ فيه معنى الجنسيةِ حينئذٍ على حدها في "أنت الحبيب".

أسماء الأجناس والمصادر تتنوع إذا وصفت:

٢١٤ - وههنا أصْلٌ يجب أن تُحْكِمَهُ: وهو أنَّ من شأنِ أسماءِ الأجناسِ كلِّها إذا وُصِفَتْ، أن تَتنوَّعَ بالصفةِ، فيصيرَ "الرجلُ" الذي هو جنسٌ واحدٌ إذا وصفْتَه فقلتَ: "رجلٌ ظريفٌ"، و "رجل طويل"، و "رجل قصير"، و "رجل شاعر"، و "رجل كاتبٌ"، أنواعاً مختلفةً يُعَدُّ كلُّ نوعٍ منها شيئًا على حدة، وتستأنف في اسم "الرجل" بكلِّ صفةٍ تَقْرِنها إليه جنسية٢.


١ في المطبوعة وحدها: "الذي تكامل".
٢ "جنسية"، مرفوع بقوله "وتستأنف"، أي: تستأنف بكل صفة جنسية.