للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعني أنه معدود بألف لا مَعْنى فيهم ولا فضيلةَ لهم بوجْهٍ١، بل تريدُ أنَّه يُعْطِيكَ من معاني الشجاعةِ أو العِلْمِ أو كذا أو كذا مجموعاً٢، مَّا لا تَجِدُ مقدارَه مفرَّقاً إلا في ألفِ رجلٍ. وأمَّا في نحوِ "أنتَ الشجاعُ"، فإنك تدعي له مقدارَه مفرَّقاً إلا في ألفِ رجلٍ. وأمَّا في نحوِ "أنتَ الشجاعُ"، فإنك تدَّعي له أن قد انفردَ بحقيقةِ الشجاعةِ، وأنه قد أُوتي فيها مزيَّةً وخاصيَّةً لم يُؤْتَها أَحدٌ، حتى صار الذي كان يَعدُّه الناسُ شجاعةً غيرَ شجاعةٍ، وحتى كأَنَّ كلَّ إقدامٍ إحجامٌ، وكلَّ قوةٍ عُرِفَتْ في الحرب ضَعْفٌ. وعلى ذلك قالوا: "جادَ حتى بَخَلَ كلَّ جوادٍ، وحتى منَعَ أن يَسْتحِقَّ اسمَ الجوادِ أحَدٌ"، كما قال:

وإنَّكَ لا تَجود عَلَى جوادٍ ... هِباتُكَ أنْ يُلَقَّبَ بالجوادِ٣

وكما يقالُ: "جادَ حتى كَأَنْ لم يُعْرَف لأحدٍ جودٌ، وحتى كَأَنْ قد كذب الواصفون الغيث بالجود"، كما قال:

أعطيتَ حتى تَركْتَ الريحَ حاسِرةً ... وَجُدْتَ حتّى كأن الغيث لم يجد٤


١ في نسخة عند رشيد رضا: "ويألف رجل لا غناء فيهم".
٢ في المطبوعة: "بل تريد أن تعطيه"، وفي "س": " .... أن يعطيك".
٣ هو للمتنبي في ديوانه، وقبله بيت متصل معناه بمعناه، وهو:
نلومك يا علي لغير ذنب ... لأنك قد زريت على العباد
ومعنى البيت: هباتك لا تجود على أحد باسم الجواد: لأنه لا يستحق هذا الاسم، مع ما يرى من جودك، وزيادتك عليه، "شرح الواحدي".
٤ هو للبحتري في ديوانه. و "حاشرة" قد أعيت وكلت فضعف هبوبها.