للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَمله، إنما يَعْلَمُ ذلك مَنْ دُفِع في مَسْلك طريقِ الشعر إِلى مضايقِه وانتهى إلى ضروراته١.

٣١٥ - ثم لم ينفَكَّ العالِمونَ به والذين هُمْ مِنْ أهلِه، من دُخولِ الشُّبهة فيه عليهم، ومن اعتراض السَّهْو والغلطِ لهم. رُويَ عن الأصمعي أنه قال: كنت أشدو من أبي عمرِو بنِ العلاء وخلفٍ الأَحمر٢، وكانا يأتيان بشاراً فيُسلِّمانِ عليه بغايةِ الإعظامِ، ثم يقولانِ: يا أبا مُعاذٍ، ما أحدثْتَ؟ فيُخْبِرُهما ويُنْشِدُهما، ويَسْألانِه ويكتبانِ عنه متواضِعَيْن له، حتى يأتيَ وقتُ الزوالِ، ثم ينصرفان. وأتيَاه يوماً فقالا: ما هذه القصيدةُ التي أحدثْتَها في سَلمِ بنِ قُتَيْبَةَ؟ قالَ: هي التي بلَغَتْكُم. قالوا: بلَغَنا أنَّك أكْثَرتَ فيها مِنَ الغَريب. قال: نعَمْ، بلغني أنَّ سَلْم بْنَ قتيبةَ يَتباصَرُ بالغريب، فأحببْتُ أن أوردَ عليه ما لا يَعْرَفُ. قالوا: فانْشِدْناها يا أبا مُعاذ. فأنشدهما:

بكرًا صاحبي قبل الهجير ... إذا ذاكَ النجاحَ في التَّبْكيرِ

حتى فرَغ منها، فقال له خلفٌ: لو قلتَ يا أبا مُعاذٍ مكانَ "إن ذاك النجاحَ في التبكيرِ".


١ انظر ما سلف رقم: ٢٩٣.
٢ في المطبوعة: "كنتُ أسيرُ مع أبي عمرِو بنِ العلاء"، وفي الأغاني: "كنت أشهد مع خلف بن أبي عمرو بن العلاء". وصاحب الأغاني ساق هذه القصة نفسها منسوبة إلى "خلف بن أبي عمرو بن العلاء"، كا يدل عليه سياقه، ولكن الذي هنا من نسبتها إلى أبيه "أبي عمرو بن العلاء"، أرجع عندي. وهذا يحتاج إلى تفصيل ليس هذا مكانه. وفي هامش المخطوطة "ج" ما نصه: "الشادي، الذي يشدو شيئًا في الأدب، أي يأخذ طرفًا منه كانه ساقه وجمعه، صحاح"، وهو نقل من صحاح الجوهري لكاتب غير كاتب هذه النسخة، وقصيدة بشار في ديوانه.