أنك لا تقول ههنا:"أن يزدادوا إِلى حياتِهم الحياةَ" بالتعريفِ، وإِنما تقولُ:"حياةً" إِذْ كانَ التعريفُ يَصْلحُ حيثُ تُراد الحياةُ على الإطلاق، كقولنا:"كلُّ أحدٍ يُحب الحياةَ، ويَكرهُ الموتَ"، كذلك الحكْمُ في الآية.
٣٤٠ - والذي ينبغي أَنْ يُراعى: أنَّ المعنى الذي يُوصفُ الإنسانُ بالحرصِ عليهِ، إِذا كانَ موجوداً حالَ وصفِك له بالحرصِ عليه، لم يُتصوَّر أن تجعَلَه حريصاً عليه من أصلِه. كيف؟ ولا يُحْرَصُ على الراهن ولا الماضي، وإِنما يكونُ الحِرصُ على ما لم يُوجَدْ بعد.
٣٤١ - وشبيهٌ بتنكير الحياةِ في هذه الآية تنكيرُها في قوله عز وجل:[البقرة: ١٧٩]، وذلكَ أنَّ السببَ في حُسنِ التنكيرِ، وأنْ لم يَحْسُن التعريفُ، أنْ ليسَ المعنى على الحياةِ نفسِها، ولكنْ على أنه لمَّا كانَ الإنسانُ إِذا عَلمَ أنه إِذا قتلَ قُتِل، ارتدعَ بذلك عن القتل، فسلم صاحبُه، صار حياةُ هذا المَهْمومِ بقتلِه في مستأنفِ الوقتِ، مستفادَةً بالقِصَاصِ١، وصارَ كأنَّه قد حَييَ في باقي عمره به. وإِذا كان المعنى على حياةٍ في بعضِ أوقاتِه، وجَبَ التنكيرُ وامتنعَ التعريفُ، من حيثُ كان التعريفُ يَقْتضي أن تكونَ الحياةُ قد كانَتْ بالقِصاص من أصْلها، وأن يكونَ القِصاص قد كان سبباً في كونِها في كافَّة الأوقاتِ. وذلك خلافُ المعنى وغيرُ ما هو المقصود.
١ أي صارت حياة الذي هم بقتله، مستفادة في مستأنف الوقت بالقصاص.