للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والإِدبارِ. وإِنما كان يكونُ المجازُ في نفْس الكلمةِ، لو أنها كانت قد استعارتِ "الإقبالَ والإدبارَ" لمعنىً غيرِ معناهُما الذي وُضعا له في اللغة. ومعلومٌ أنْ ليس الاستعارةُ مما أرادته في شيء.

تنبيه على فساد من جعل هذا المجاز من باب ما حذف منه المضاف، وأقيم المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه:

٣٥٩ - واعلمْ أنْ ليس بالوجهِ أنْ يُعَدَّ هذا على الإِطلاق مَعدَّ ما حُذِفَ منه المضافُ وأقيمَ المضافُ إليه مُقامه، مثلَ قولِه عزَّ وجل: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَة} [يوسف: ٨٢]، ومثل قول النابغة الجعدي:

وكيفَ تُواصِلُ مَنْ أصْبَحَتْ ... خُلاَلَتُهُ كأَبي مَرْحَبِ١

وقول الأعرابي:

حَسِبْتَ بُغَام راحلتي عنَاقا ... وما هيَ وَيْبَ غَيْرِك بالعَنَاقِ٢

وإنْ كنَّا نراهُم يذكرونَه حيثُ يذكرون حذف المضاف٣، ويقولون


١ في مجموع شعره، و "الخلالة" الصداقة، و "أبو مرحب"، كنية الذئب. ويقال: "أبو مرحب" للرجل الحسن الوجه، يلقاك ببشره، وباطنه خلاف ما نرى، أكنه الذي يقول لك: "مرحبًا"، بلسانه، وقلبه غير مرحب. وكان في "ج": "من أبي مرحب" وذكر الأخرى في الهامش.
٢ الشعر لذى الخرق الطهوى، يخاطب الذئب، في نوادر أبي زيد: ١١٦، ومجالس ثعلب: ٧٦، ١٨٥، وتفسير الطبري ٣: ١٠٣، يقولها لذئب تبعه في طريقه، وقيل البيت:
ألم تعجب لذئب باتب يسرى ... ليؤذن صاحبًا له باللحاق
و"البغام"، صوت الظبية والناقة وحنينهما. و "العتاق": أنثى المعز, وفي هامش المطبوعة بخط الناسخ ما نصه:
"يخاطب ذئبًا، أي حسبت ناقتي عناقًا، وبغامها بغام عناق"
٣ الضمير في "يذكرونه" لبيت الخنساء في الفقرة السالفة