للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْ حَيثُ لم يكُنْ ذلك "الجبنُ" إلاَّ لأَنْ دامَ منهُ الزجْرُ واستمرَّ، حتى أخرجَ الكَلْبَ بذلك عمَّا هو عادتُه منَ الهَريرِ والنَّبْح في وجْه مَنْ يَدْنو مِنْ دارٍ هو مُرْصَدٌ لأن يَعُسَّ دونها.

وتنظُرُ إلى قولهِ: "مهزولُ الفصيل"، فتعلمُ أنه نظيرُ قولِ ابن هَرْمَةَ:

لا أُمْتِع العُوذَ بالفصال١

وتنظُر إلى قول نصيب:

لِعَبْدِ العَزيزِ على قَوْمِهِ ... وغيرهمُ منَنٌ ظاهِرَهْ

فبابك أسهل أبوابهم ... ودارك مأهولةعامرة

وكلبك آنس بالزائين ... مِنَ الأُمّ بالإبْنَةِ الزائرَهْ٢

فَتَعلمُ أنه من قول الآخر:

يكادُ إذا ما أبصرَ الضيفَ مَقْبلاً ... يَكلّمه مِنْ حُبِّهِ وهْوَ أَعْجَمُ٣

وأنَّ بينهُما قرابةً شديدة ونسبًا لاصقًا، وأن صورتهما فيفرط التناسُب صورةُ بيتَي "زيادٍ" و"يزيدَ".

٣٦٦ - ومما هو إثباتٌ للصفةِ على طريقِ الكنايةِ والتَّعريض، وقولهم "المجْدُ بَيْنَ ثَوْبَيْه، والكَرَمُ في بُرْدَيْه"، وذلك أن قائلَ هذا يتَوصَّلُ إلى إثباتِ المجدِ


١ هو شعر إبراهيم قبن هرمة، وقد سلف برقم: ٣١١، وسيأتي بعد قليل برقم: ٣٦٩.
٢ هو في شعره المجموع، والرواية الصحيحة: "أرأف بالزائرين"، كما سيأتي برقم: ٣٦٨.
٣ هو لإبراهيم بن هرمة في شعره المجموع، والبيان والتبيين ٣: ٢٠٥.