للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مؤدَّبٌ لا يَهِرُّ في وجوهِ مَنْ يَغْشاني من الأضياف، وأني أنحر المتالي من إبل، وأَدَعُ فِصالَها هَزْلى"١ كذلك، إِنما راقَكَ بيتُ زياد، لأنه كنَّى عن إثباتِه السماحةَ والمروءةَ والندى كائنةً في الممدوحِ، بجعلها كائنةً في القبةِ المضروبةِ عليه.

٣٦٥ - هذا، وكما أنَّ مِنْ شأنِ الكنايةِ الواقعةِ في نفسِ الصفةِ أن تجيءَ على صورٍ مختلفةٍ، كذلك مِنْ شأنها إذا وقعَتْ في طريقِ إثباتِ الصفةِ أنْ تجيءَ على هذا الحدِّ، ثم يكونُ في ذلك ما يتناسَبُ، كما كان ذلك في الكنايةِ عن الصفةِ نفسِها.

تفسيرُ هذا: أنك تَنظُرُ إِلى قولِ يزيد بن الحَكَم يمدح به يزيدَ بنَ المهلَّبِ، وهو في حَبْسِ الحَجّاجِ:

أَصْبَحَ في قَيْدِكَ السَّمَاحَةُ والمجدُ ... وفَضْلُ الصَّلاحِ والحسَبُ٢

فتراه نظيراً لبيتِ "زياد"، وتَعْلم أنَّ مكان "القيد" ههنا هو مكانُ "القبَّة" هناك.

كما أنَّك تَنْظُر إلى قوله: "جبانُ الكلب"، فتعلمُ أنَّه نظيرٌ لقوله:

زجرت كلابي أن يهر عقورها٣


١ "المتالي" الأمهات من النوق تتلوها أولادها وتتبعها.
٢ هو من شعره في الأغاني ١٢: ٢٩١، "الدار".
٣ هو شعر شبيب بن البرصاء، في الأغاني ١٢: ٢٧٥، "الدار" وتمامه:
ومستنبح يدعو وقد حال دونه ... من الليل سجفا ظلمة وستورها
رفعت له ناري، فلما اهتدى بها ... زجرتُ كلابي أَنْ يهِرَّ عَقُورها