للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عنها وإبعادِها عنه، بأن نَفَاه عن بيتها وباعَدَ بينَهُ وبَيْنَهُ، وكان مَذْهبُه في ذلك مذْهَبَ "زيادٍ" في التوصُّلِ إلى جَعْلِ "السماحةِ والمروءةِ والنَّدى" في ابنِ الحَشْرَجِ، بأن جعَلَها في القبَّة المضروبةِ عليه. وإنَّما الفرقُ أنَ هذا يَنْفي، وذاك يُثْبِتُ. وذلك فَرْقٌ لا في موضِعِ الجمعِ، فهو لا يَمْنَعُ أن يكونا من نصاب واحد.

٣٦٧ - ومما هو حُكْم المناسِب لبيتِ "زيادٍ" وأمثالهِ التي ذكَرْتُ، وإنْ كانَ قد أُخْرِجَ في صورةٍ أغربَ وأبدع، قول حسان رضي الله عنه:

بَنَى الْمَجْدَ بَيْتاً فَاسْتَقَرَّتْ عِمَادُه ... عَليْنا، فأعْيى الناس أن يتحولا١

وقول البحتري:

أوما رأيتَ المجدَ أَلْقى رحْلَه ... في آلِ طلحةَ ثُمَّ لَمْ يَتحوَّلِ٢

ذاكَ لأنَّ مدَارَ الأمرِ على أنَّه جَعَلَ المجْدَ والممدوحَ في مكانٍ، وجعَلَه يكونُ حيثُ يكونُ.

٣٦٨ - واعلمْ أنه ليس كلُّ ما جاء كنايةً في إثباتِ الصفةِ يَصْلحُ أَنْ يُحْكَمَ عليه بالتناسُبِ.

معنى هذا: أنَّ جعْلَهمُ الجُودَ والكَرَمَ والمجْدَ يَمْرضُ بِمَرضِ الممدوح كما قال البحتري:

ظَلِلْنا نَعودُ الجودَ من وَعْكِكَ الذي ... وجَدْتَ وقلنا اعتل عضو من المجد٣


١ في ديوانه.
٢ في ديوانه.
٣ في ديوانه.