صارمٌ"، إذا أدخلوا "إنما" جعلوا ذلك في حُكْم الظاهرِ المعلومِ الذي لا يُنْكَر ولا يدفع ولا يخفى.
٣٩٢ - وأما الخبر بانلفي والإثبات نحو: "ما هذا إلا كذا"، و "إن هو إلا كذا"، فيكون للمر يُنْكِرهُ المخاطَبُ ويَشُكُّ فيه. فإذا قلتَ: "ما هو إلاَّ مُصيبٌ" أو: "ما هو إلا مخطئ"، قلتَه لمن يدفَعُ أن يكونَ الأمْرُ على ما قلت، وإذا رأيتَ شخصاً مِنْ بعيدٍ فقلتَ: "ما هو إلا زيدٌ"، لم تَقُلْه إلاَّ وصاحِبُك يَتوهَّم أنه ليس بزيدٍ، وأنه إنسانٌ آخرُ، ويجدُّ في الإنكارِ أن يكون "زيدًا".
وإأذا كان الأمرُ ظاهراً كالذي مضَى، لم تَقُلْه كذلك، فلا تقول للرجل ترقفه على أخيهِ وتُنَبِّهُهُ للذي يَجب عليه منْ صِلة الرَّحِم ومنْ حُسْن التحابِّ١: "ما هُوَ إلاَّ أخوك" وكذلك لا يَصْلُح في "إنما أنتَ والدٌ": "ما أنتَ إلاَّ والدٌ"، فأما نحوُ: "إنما مصعبٌ شهابٌ"، فيَصلُحُ فيه أن تقولَ: "ما مصعبٌ إلاَّ شهابٌ"، لأنَّه ليس من المعلومِ على الصحَّة، وإنما ادَّعى الشاعرُ فيه أنَّه كذلك، وإذا كانَ هذا هكذا، جاز أن تقول بالنفي والإثباتِ، إلاَّ أنك تُخْرِجُ المدحَ حينئذٍ عن أن يكونَ على حَدِّ المبالغةِ، من حيثُ لا تكونُ قد ادَّعيتَ فيه أنه معلوم، وأنهبحيث لا يُنْكِره مُنْكِرٌ، ولا يُخَالِفُ فيه مُخالِفٌ.
١ في "ج"، "حسن التحافي" بالحاء، وفي "س": "التجافي" بالجيم وهي ليست بشيء. أما "التحافي"، كأنه من "الحفاوة"، يقال: "تحفي به، واحتفى" إذا بالغ في إكرامه. وهي حسنة إن شاء الله، وقد تركت ما في المطبوعة كما هو لظهوره، وإن كنت أخشى أن يكون رشيد رضا قد غيرها، وأن الأصل "التحافي"، كما في "ج".