المعنى: أن الذي قَطَّر الفارسَ، وليسَ المعنى على أنَّه يريد أن يزعم أنه انفرد بأنقطره، وأنه لم يشركه فيه غيره.
بيان في قوله:{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} وتقديم اسمه سبحانه:
٣٩٩ - وههنا كلام ينبغي أن تغلمه، إلاَّ أنِّي أكتُبُ لكَ مِنْ قبلِه مسألةً، لأنّ فيها عوناً عليه. قولُه تعالى:{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}[فاطر: ٢٨]، في تقديم اسمِ الله عزَّ وجلَّ معنى خلافُ ما يكونُ لو أُخِّرَ. وإنما يَبِينُ لكَ ذلكَ إذا اعتبرتَ الحكمَ في "ما" و "إلا"، وحصلْتَ الفرْقَ بينَ أن تقولَ:"ما ضَرَبَ زيداً إلاَّ عمرو"، وبينَ قولِك:"ما ضرَبَ عمروٌ إلا زيداً".
والفرقُ بينهما أنك إذا قلتَ:"ما ضرَبَ زيداً إلا عمرو"، فقدَّمْتَ المنصوبَ، كان الغرَضُ بيانَ الضاربِ مَنْ هُو، والإخبارُ بأنَّه عمرو خاصةً دون غيره وإذا قلتَ:"ما ضرَب عمرو إلاَّ زيداً"، فقدَّمتَ المرفوعَ، كان الغرضُ بيانَ المضروبِ مَنْ هو، والإخبار بأنه "زيدٌ" خاصَّةً دونَ غيرِه.
٤٠٠ - وإذْ قد عرفْتَ ذلكَ فاعتبرْ بهِ الآيةَ، وإذا اعتبرْتَها بهِ علمتَ أنَّ تقديمَ اسمِ الله تعالى إنما كانَ لأجْلِ أنَّ الغرضَ أن يبيَّن الخاشونَ مَنْ هُمْ، ويُخْبَر بأنهم العلماءُ خاصَّةً دونَ غيرهم. ولو أُخِّر ذكْرُ اسمِ الله وقدَّم