للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كتأخيرِه، ولم يكنْ "ما ضَربَ زيداً إلاَّ عمرو" و "ما ضرَبَ عمرو إلا زيداً"، سواءٌ في المعنى أنَّ الاختصاصَ يَقعُ في واحدٍ من الفاعلِ والمفعولِ، ولا يقعُ فيهما جميعاً. ثم إنَّه يقعُ في الذي يكونُ بعد "إلاَّ" منهما دونَ الذي قبلَها، لاستحالةِ أن يحدُثَ معنى الحرفِ في الكلمة من قبْلَ أن يَجيء الحرفُ. وإذا كان الأمرُ كذلكَ، وجَبَ أن يَفْترقَ الحالُ بينَ أَن تقدم المعفول على "إلاَّ" فتقولَ: "ما ضرَب زيداً إلاَّ عمرو"، وبين أن تقدِّم الفاعلَ فتقولَ: "ما ضربَ عمرو إلاَّ زيداً"، لأنَّا إنْ زعَمْنا أنَّ الحالَ لا يَفترِقُ، جعَلْنا المتقدِّمَ كالمتأخِّرِ في جوازِ حدوثِه فيه. وذلك يقتضي المحالَ الذي هو أن يَحْدُثَ معنى "إلاَّ" في الاسمِ مِنْ قببل أن تجيء بها، فآعرفه.

٤٠٣ - وإذا قد عَرفْتَ أنَّ الاختصاصَ مع "إلاَّ" يقعُ في ذلك تؤخِّرُهُ من الفاعل والمفعولِ، فكذلك يَقعُ مع "إنما" في المؤخَّر منهما دونَ المقدَّمِ. فإذا قلت: "إنما ضرَب زيداً عمرو"، كان الاختصاصُ في الضاربِ، وإذا قلتَ: "إنما ضربَ عمرو زيداً"، كان الاختصاصُ في المضروبِ، وكما لا يَجوزُ أنْ يستويَ الحالُ بينَ التقديم والتأخيرِ معَ "إلاَّ"، كذلكَ لا يجوزُ مع "إنما".

العود إلى القول في "إنما" وما يقع فيه الاختصاص بعدها:

٤٠٤ - وإذا استبَنْتَ هذهِ الجملةَ١، عرفْتَ منها أنَّ الذي صنعهُ

الفرزدقُ في قولِه:

وإنَّما يُدافعُ عن أحسابهم أنا أو مثلي٢


١ في "س": "وإذا استثبت هذه الجملة".
٢ انظر رقم: ٣٨٨، ثم في هذا الموضع من "ج" حاشية بخط الكاتب هذا نصها: "قوله: "إنما يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي"، إنما امتنع فيه إذا قال: "إنما أدافع عن أحسابهم"، أن يكون المعنى مثله الآن، من أجل أن =