الاختصاصُ في "منكُم" دونَ "فارساً" ولو قلتَ: "ما اختارَ إلاَّ فارساً منكم"، صار الاختصاصُ في "فارسًا"١.
حكم المبتدأ والخبر إذا جاء بعد "إثما":
٤٠٧ - واعلمْ أَنَّ الأمرَ في المبتدأ والخَبر، إنْ كانا بَعْدَ "إِنّما" عَلَى العبرةِ التي ذكرتُ لك فيالفاعل والمفعولِ، إِذا أنتَ قدَّمْتَ أَحدَهما على الآخَرِ.
معنى ذلك: أنك إنْ تركتَ الخبرَ في موضِعهِ فلَمْ تُقدِّمه على المبتدأ، كان الاختصاصُ فيه وإِن قدَّمْتَه على المبتدأ، صار الاختصاصُ الذي كان فيه في المبتدأ.
تفسيرُ هذا، أَنك تقولُ:"إِنما هذا لك"، فيكونُ الاختصاصُ في "لك" بدلالةِ أَنك تقولُ: "إِنَّما هذا لكَ لا لِغيرك" وتقولُ: "إِنما لكَ هذا"، فيكونُ الاختصاصُ في "هذا"، بدلالةِ أنك تقول:"إما لكَ هذا لا ذاكَ"، والاختصاصُ يكونُ أبداً في الذي إِذا جئتَ "بلا" العاطفة كان العطف عليه.
وإذا أردْتَ أن يزدادَ ذلك عندَكَ وضوحاً، فانظرْ إِلى قولِه تعالى:{فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ}[الرعد: ٤٠]، وقوله عزَّ وعَلاَ:{إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ}[التوبة: ٩٢]، فإنَّك تَرَى الأمرَ ظاهراً أنَّ الاختصاصَ في الآية الأولى في المبتدأ الذي هو "البلاغُ" و "الحساب"، دون الخبر الذي هو "عليك" و "علينا" وأنَّه في الآيةِ الثانيةِ في الخَبر الذي هو "عَلَى الذين"، دونَ المبتدأ الذي هو "السبيل".
١ من أول قوله هنا: "في فارسًا" إلى آخر قوله بعد قليل: "وإن قدمته على المبتدإ صار الاختصاص"، سقط من كاتب "ج" سهوًا.