للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"النَّظْم"، ثم لا يَطْلبُها في معاني النحو وأحكامِه التي "النظْمُ" عبارةٌ عن توخِّيها فيما بين الكلم.

"الاستعارة" و"الكناية" و"التمثيل" من مقتضيات "النظم":

٤٦٤ - فإنْ قيل: قولُكَ "إلاَّ النظم"١، يقتضي إخراجَ ما في القرآنِ مِن الاستعارةِ وضروبِ المجازِ من جملةِ ما هوَ به مُعْجِزٌ؛ وذلك ما لا مَساغَ له.

قيلَ: ليس الأمرُ كما ظننْتَ؛ بل ذلك يقتضي دُخولَ الاستعارةِ ونَظائرِها فيما هو بهِ مُعْجزٌ؛ وذلك لأنَّ هذه المعاني التي هي "الاستعارة"، و"الكناية" و"التمثيل"، وسائرُ ضُروبِ "المجاز" مِن بَعْدِها من مُقْتَضياتِ "النظم"، وعنه يحدث وبه يكونُ٢؛ لأنه لا يُتصوَّر أن يَدخُلَ شيءٌ منها في الكَلِم وهي أفرادٌ لم يُتَوخَّ فيما بينَها حكْمٌ من أحكام النحو؛ فلا يُتَصَّورُ أن يكونَ ههنا "فعلٌ" أو "اسمٌ" قد دَخلَتْهُ الاستعارةُ، مِن دونِ أنْ يكونَ قد أُلِّفَ مع غيره؛ أفلا تَرى أَنه إنْ قدَّر في "اشتعلَ" من قوله تعالى: {وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا} [مريم: ٤]، أنْ لا يكونَ "الرأسُ"، فاعلاً له، ويكونَ "شيباً" منصوباً عنه عَلَى التمييز، لم يُتصوَّرْ أن يكونَ مستعاراً؟ وهكذا السبيلُ في نظائرِ "الاستعارةِ"، فاعرفْ ذلك٣.

خطأ المعتزلة في ظنهم أن المزية في "اللفظ"، واضطرابهم في ذلك:

٤٦٥ - واعلمْ أَن السببَ في أنْ لم يقع النظر منهم موقعه، أنهم


١ يعني قوله في أول الفقرة السالفة: "لأنه ليس مِنْ بَعْدِ ما أَبطَلْنا أن يكون فيه إلا النظم والاستعارة".
٢ في المطبوعة: "وعنها يحدث، وبها يكون".
٣ هذه الفقرة "٤٦٤" كلها ساقطة من "س".