للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"الفصاحةَ" لها وحَدْها، ولكِنْ موصولاً بها "الرأسُ" معرَّفاً بالألف واللام، ومَقْروناً إليهما "الشيبُ" منكَّراً منصوباً.

٤٧٦ - هذا، وإِنما يقعُ ذلك في الوَهْم لِمَنْ يَقَعُ له أعني أن يوجب الفصاحةُ للَّفظةِ وحدَها١ فيما كان "استعارةً"، فأمَّا ما خَلاَ منَ الاستعارةِ من الكلامِ الفصيح البليغِ، فلا يَعْرِض توهُّمُ ذلك فيه لعاقلٍ أصْلاً.

أفلا تَرَى أنه لا يقَعُ في نفسِ مَن يَعْقِلُ أدنى شيءٍ، إِذا هو نظَرَ إِلى قولهِ عزَّ وجلَّ: {يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ} [المنافقون: ٤]، وإلى إِكبارِ الناس شأنَ هذه الآيةِ في الفصاحة، أن يضَعَ يدَهُ على كلمةٍ كلمةٍ منها فيقولَ: "إِنها فصيحة؟ " كيفَ؟ وسبَبُ الفصاحةِ فيها أمور لا شك عاقلٌ في أنها معنويَّةٌ:

أوَّلُها: أنْ كانت "على" فيها متعلقةً بمحذوفٍ في موضِع المفعولِ الثاني.

والثاني: أنْ كانت الجملةُ التي هي "هُم العدوُّ" بعْدَها عاريةً من حرفِ عطفٍ.

والثالث: التعريفُ في "العدوِّ" وأنْ لم يقل: "هُمْ عدوٌّ".

ولو أنك علَّقْتَ "على" بظاهرٍ، وأدخلْتَ على الجملة التي هيَ "هم العدوُّ" حرف عطف، وأسقطت "الألف والألام" من "العدو" فَقُلْتَ: "يحسَبُون كلَّ صيحةٍ واقعة عليهم، وهُمْ عدوٌّ"، لرأيتَ الفصاحةَ قد ذهبتْ


١ السياق: "إنما يقعُ ذلك في الوَهْم لِمَنْ يَقَعُ له ... فيما كان استعارة".