للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك أفسَدَ على نفسِه، وأبطلَ أن يكونَ متكلِّماً، لأنه لا يكون متكلِّماً حتى يَسْتَعمِل أوضاعَ لغةٍ على ما وضعت عليه١.

وإذا ثبت في حالِه أنه لا يستطيعُ أن يَصْنع بالألفاظِ شيئاً ليس هو لها في اللغة، وكنَّا قد اجتمعْنا على أنَّ "الفصاحةَ" فيما نحن فيه، عبارةٌ عن مزيةٍ هي بالمتكلِّم البتَّةَ وجب أن تعلم قطعًا وضورة أنَّهم وإِن كانوا قد جَعَلوا "الفصاحةَ" في ظاهرِ الاستعمالِ مِنْ صفةِ اللفظِ، فإِنَهم لم يَجْعلوها وصْفاً له في نفسه، ومِن حيثُ هو صدى صوتٍ ونطقُ لسانٍ، ولكنهم جَعلُوها عبارة عن مزية أفادها المتكلم في المعنى، لأنه إذا كان اتفاقًا أنها عبارة عن مزية أفادها المتكلم، ولم نره أفاد في اللفظِ شيئاً، لم يَبْقَ إِلا أنْ تكون عبارة عن مزية أفادها المتكلم، ولم نره أفاد في اللفظِ شيئاً، لم يَبْقَ إِلا أنْ تكون عبارة عن مزية أفادها في المعن٢.

"فصاحة اللفظ"، لا تكون مقطوعة بل موصولة بغيرها مما يليها:

٤٧٥ - وجملةُ الأمْرِ أنَّا لا نُوجِبُ "الفصاحَة" لِلْفَظةٍ مقطوعةٍ مرفوعةٍ من الكلامِ الذي هي فيه، ولكنا نوجبها لفها موصولةً بغيرها، ومعلَّقاً معناها بمعنى ما يَليها. فإِذا قلنا في لفظةِ "اشتعل" مِنْ قولِه تعالى: {وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا} [مريم: ٤]، إنها في أعلى رتبة من الفصاحة٣، لم توجب تلك


١ في المطبوعة: "على ما وضعت هي عليه"، زيادة بلا طائل.
٢ في "ج"، أسقط الكاتب سهوًا ما ترى هنا فاختل المعنى. كتب: "ولكنهم جعلوها عبارة عن مزية أفادها في المعنى. وجملة الأمر" وأما في المطبوعة فقد أسقط أيضًا وكتب: "ولكنهم جَعلُوها عبارةً عن مزيةٍ أفادَها المتكلِّمُ، ولمَّا لم تَزِدْ إفادتُه في اللفظِ شيئاً لم يَبْقَ إِلا أنْ تَكونَ عبارة عن مزية في المعنى"، وهذا لا شيء.
٣ في المطبوعة وحدها "أعلى المرتبة".