للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِذا فكَّرْتَ في الفعلَيْنِ أو الاسْمَيْن، تُريد أن تخبر أحدهما عن الشيء أيُّهما أوْلى أن تُخْبَر به عنه وأشْبَهُ بغَرَضِك، مثلَ أن تَنْظُر: أيُّهما أمْدَحُ وأذمُّ، أو فكّرتَ في الشيئينِ تُريد أن تُشَبِّه الشيءَ بأحَدِهما أيُّهما أشْبَهُ به١ كنتَ قد فكَّرْت في معاني أَنفُسِ الكَلِم، إلاَّ أنَّ فكْرَكَ ذلك لم يكنْ إِلاّ مِن بَعْد أنْ توخَّيْتَ يها معنىً من معاني النحوِ، وهو إن أردْتَ جَعْلَ الاسمِ الذي فكَّرْتَ فيه خبراً عن شيءٍ أردتَ فيه مَدْحاً أو ذمّاً أو تشبيهاً، أو غيرَ ذلك منَ الأغراضِ٢ ولم تَجىءْ إلى فعل أو اسم ففكرت ففيه فرْداً، ومِنْ غَيْر أنْ كان لكَ قَصْدٌ أن تجعله خيرًا أو غير خبر. فاعرف ذلك.

شرح مثال على مقالته الأنفة في بيت بشار، وأدلة ذلَك:

٤٨٥ - وإنْ أردْتَ مثالاً فخُذْ بيتَ بشار:

كأن مثار النقع فوق رؤسنا ... وأسيافَنا ليلٌ تَهاوى كَواكِبُهْ٣

وانظُرْ هلْ يُتصوَّرُ أنْ يكونَ بشَّار قد أخْطَرَ معاني هذهِ الكَلمِ ببالِه أفرادا عاريةً من معاني النحوِ التشبيهِ منه على شيءٍ وأنْ يَكون فكَّرَ في "مثال النقعِ"، مِنْ غَيْر أنْ يكونَ أرادَ إضافةَ الأول إلى الثاني وفكر في "فوق رؤسنا"، مِن غَيْر أنْ يكونَ قد أرادَ أن يُضيفَ "فوقَ" إِلى "الرؤوس" وفي "الأسيافِ" من دونِ أنْ يكونَ أرادَ عطفَها بالواو على "مثار" وفي "الواو".


١ السياق: "فإنك إذا فكرت في الفعلين .... كنتَ قد فكَّرْت في معاني أَنفُسِ الكَلِم".
٢ السياق: "كنتَ قد فكَّرْت في معاني أَنفُسِ الكَلِم ... ولم تَجِئ إلى فعلٍ أو اسم ففَكَّرْتَ .. ".
٣ سلف البيت برقم: ٨٤، ص: ٩٦.