للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من دونِ أن يكونَ أرادَ العطْفَ بها وأن يكون كذلك فكَّرَ في "اللَّيل"، مِنْ دونِ أن يكونَ أرادَ أنْ يَجعلَهُ خبراً "لكأن" وفي تَهاوى كَواكِبُه"، من دونِ أن يكون أرادَ أن يَجْعَلَ "تهاوى" فعلاً للكواكبِ١، ثم يَجْعَلَ الجملةَ صفةً لِلَّيلِ، لِيَتِمَّ الذي أراد من التشبيه؟ ٢ أم لم يخطر هذه الأشياءُ ببالِه إلاَّ مُراداً فيها هذهِ الأحكام والمعاني التي نراها فيها؟

٤٨٦ - وليت شِعْري، كيفَ يُتصوَّر وُقوعُ قصدٍ منكَ إِلى معنى كلمةٍ مِنْ دُونِ أن تريدَ تَعْليقها بمعنى كلمة أخرى؟ ومعْنى "القَصدِ إِلى معاني الكَلِم"، أنْ تُعْلِمَ السامِعَ بها شيئاً لا يَعْلَمُه. ومعلومٌ أنَّكَ، أيها المتكلمُ، لستَ تقصدُ أن تُعلمَ السامع الكَلِم المفردةِ التي تكلُمُه بها، فلا تقولُ: "خرجَ زيدٌ"، لِتُعْلِمَه معنى "خرَج" في اللغةَ، ومعنى "زيدٌ". كيفَ؟ ومُحالٌ أن تُكَلِّمَه بألفاظٍ لا يعرفُ هو معانيها كما تعرف. ولهذا لم يكنْ الفِعْلُ وحدَهُ مِن دون الاسم، ولا الاسمُ وحدَه من دون اسمٍ آخَرَ أو فعلٍ، كلاماً. وكنتَ لو قلتَ: "خرَج"، ولم تأتِ باسمٍ، ولا قدَّرْتَ فيه ضميرَ الشيء، أو قلْتَ: "زيد"، ولم تَأْتِ بفعلٍ ولا اسْمٍ آخَرَ ولم تُضْمِرْهُ في نفسك، كان ذلك وصوتًا تصوته سواء، فاعرفه.

"نظم الكلام"، وتوخي النحو يسبك الكلام سبكا واحدا:

٤٨٧ - واعلمْ أنَّ مَثلَ واضِعِ الكلام مثَلُ مَنْ يأخذ قطعًا من الذهب


١ أسقط كاتب "ج" كلامًا، فكتب: " ... فكَّرَ في اللَّيل مِنْ دونِ أن يكونَ أراد أن يجعل تهاوى فعلًا للكواكب".
٢ السياق من أول الفقرة: " ... هلْ يُتصوَّرُ أنْ يكونَ بشَّار قد أخْطَرَ معاني فيه هذ الكلم بباله ... أم لم يخطر هذه الأشياء بباله".