للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القسم الأول: "الكناية" و"الاستعارة" و"التمثيل على حد الاستعارة"

فالقسم الأول: "الكناية" و "الاستعارة" و "التمثيل الكائن على حَدِّ الاستعارة"، وكلُّ ما كان فيه، على الجملةِ، مَجازٌ واتساعٌ وعُدُولٌ باللفظ عن الظاهر، فما مِنْ ضَرْبٍ من هذه الضُّروب إلاَّ وهو إِذا وقَعَ على الصواب وعلى ما يَنْبغي، أوْجَبَ الفضْلَ والمزيَّةَ.

فإِذا قلتَ: "هو كثيرُ رمادِ القدْر"، كان له موقِعٌ وحظٌّ من القَبول لا يكون إِذا قلتَ: "هو كثيرُ القِرى والضِّيافة".

وكذا إِذا قلتَ: "هو طويلُ النِّجاد"، كان له تأثيرٌ في النفس لا يكون إِذا قلتَ: "هو طويلُ القامة".

وكذا إِذا قلتَ: "رأيتُ أسداً"، كان له مزيةٌ لا تكونُ إِذا قلتَ: "رأيتُ رجلاً يُشبهُ الأسدَ ويُساويه في الشجاعة".

وكذلك إِذا قلتَ: "أَراكَ تُقَدِّمُ رِجْلاً وتؤخِّرُ أخرى"، كان له موقعٌ لا يكون إِذا قلت: "أراد تتردَّدُ في الذي دعوتُكَ إِليه، كمَنْ يقولُ: أَخرجُ ولا أخرجُ، فيُقدِّم رِجْلاً ويؤُخِّر أُخرى".

وكذلك إِذا قلتَ: "أَلقى حبْلَه على غاربه"، كان له مأخَذٌ من القَلْب لا يكونُ إِذا قلتَ: "هو كالبعيرِ الذي يُلْقَى حَبْلُه على غاربة حتى يَرْعى كيْفَ يشاءُ ويذهَبَ حيثُ يُريد".

لا يَجْهَلُ المزيةَ فيه إلاَّ عديمُ الحِسِّ ميِّتُ النَّفْس، وإلاَّ مَنْ لا يكلم، لأنه من مبادئ المعرفةِ التي مَن عَدِمَها لم يَكنْ للكلام معه معنى.