للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن شأْنِ ماَ غَمُضَ من المعاني ولَطُف، أن يصْعُبَ تصويرُه على الوجْه الذي هو عليه لعامَّةِ الناس، فيقَعَ لِذلكَ في العبارات التي يُعبَّر بها عنه، ما يُوهمُ الخطَأ، وإطلاقُهم في "الاستعارةِ" أنها "نقلٌ للعبارَةِ عمَّا وُضِعت له"، من ذلك١، فلا يَصِحُّ الأَخذُ به. وذلك أَنك إذا كنتَ لا تُطْلِقُ اسْمَ "الأَسد" على "الرجُلِ"، إلاَّ مِنْ بَعْد أن تُدْخِلَه في جنسِ الأُسود من الجهة التي بيَّنَّا، لم تَكنْ نقلْتَ الاسمَ عما وُضِعَ له بالحقيقةِ، لأنكَ إنما تكونُ ناقِلاً، إِذا أنْتَ أَخرجْتَ معناهُ الأَصْليَّ من أنْ يكونَ مقصودَكَ، ونفَضْتَ به يدَك. فأَمَّا أنْ تكون اقلًا له عن معناه، مع إرادةِ معناهُ، فمحالٌ متناقض.

أمثلة على أن "النقل"، لا يتصور في بعض "الاستعارة":

٥١٢ - واعلمْ أنَّ في "الاستعارةِ" ما لا يُتصوْر تقديرُ النقلِ فيه البتَّةَ، وذلك مثلُ قولِ لبيد:

وغداة ربح قد كشفت وقرة ... إذا أصبحت بيد الشمال زمامها٢


١ السياق: "وإطلاقهم في الاستعارة ... من ذلك".
٢ هو في ديوانه، وقد سلف برقم: ٦٠.