للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شيءٌ من الفِضَّة، ولكنْ تَرى الغِشَّ بَحْتاً والغيظ صرفًا، ونسأل الله التوفيق.

الرد على المعتزلة في مسألة "اللفظ" وبيان تقصيرهم:

٥٥١ - وكيف لا يكونُ في إسارِ الأُخْذَةِ١، ومَحُولاً بينه وبين الفِكْرة مَنْ يُسلِّمُ أنَّ الفصاحةَ لا تَكونُ في أفرادِ الكلماتِ، وأنها إنما تَكُونُ فيها إذا ضُمَّ بعضُها إلى بعْضٍ٢، ثم لا يَعْلَم أنَّ ذلك يَقْتضي أنْ تكونَ وصْفاً لها، مِن أجْلِ معانيها، لا مِنْ أَجْل أَنفُسِها، ومِنْ حَيثُ هي ألفاظٌ ونُطْقُ لسانٍ؟

ذاكَ لأنه ليس مِنْ عاقلٍ يَفْتَح عينَ قلبهِ، إلاَّ وهو يَعْلَمُ ضرورةَ أنَّ المعنى في "ضَمِّ بعضِها" إلى بعْضٍ"، تعليقُ بعضِها ببعضٍ، وجَعْلُ بعْضِها بسَببٍ من بعض، لا أن ينطق بعضها في أَثر بعضٍ، مِنْ غير أنْ يكونَ فيما بينها تَعلُّقٌ٣ ويعْلمُ كذلك ضرورةً إِذا فكرَّ، أنَّ التعلُّقَ يكونُ فيما بين معانيها، لا فيها بينها أَنفُسِها. ألا تَرى أَنَّا لوْ جَهِدْنا كلَّ الجَهْدِ أَنْ نَتصَّورَ تعلُّقاً فيما بينَ لفظين لا معنى تحتهما، لم نتصوَّر؟ ومن أَجْلِ ذلك انقسَمتْ الكَلِمُ قسمَيْنِ:

"مؤتلفٌ" وهو الاسْمُ مع الاسْم، والفعلُ مع الاسْمِ و "غير موتلف" وهو ما عدا ذَلك كالفِعْل معَ الفْعلِ، والحَرْفِ مع الحرفِ. ولو كان التعلُّقُ يكونُ بين الألفاظِ، لكانَ ينبغِي أنْ لا يَختلِفَ حالُها في الائتلافِ، وأنْ لا يكونَ في الدنيا كلمتانِ إلاَّ ويصِحُّ أنْ يأْتلِفا، لأنه تنافي بينهما من حيث هي ألفاظ.


١ سلف تفسيرها في التعليق قريبًا: ص: ٤٦٥، تعليق: ٢.
٢ هذا نص القاضي عبد الجبار المعتزلي، وقد سلف برقم: ٤٦٥، وسيأتي في ىخر هذه الفقرة أيضًا، وانظر ما سيأتي أيضًا في رقم: ٥٥٤ وما بعدها، بيانه عن "الاحتذاء" عند الشعراء وأهل العلم بالشعر، وهو فصل مهم في الرد على القاضي المعتزلي.
٣ في المطبوعة: "فيما بينهما".